للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قيل: فيلزمكم على هذا أن تقضوا له بها إذا طالب بقبضها، قيل: نحن لا نأمر بدفعها ولا بردها، كعقود الكفار المحرمة، فإنهم إذا أسلموا قبل القبض لم نحكم بالرد، لكن المسلم تحرم عليه هذه الأجرة، لأنه كان معتقدا لتحريمها بخلاف الكافر، فإذا طلب الأجرة قلنا له: أنت فرطت حيث صرفت قوتك في عمل محرم، فلا يقضى له بالأجرة، فإذا قبضها ثم قال الدافع: هذا المال اقضوا لي برده، فإنه قبض مني باطلا.

قلنا له: أنت دفعته بمعاوضة رضيت بها، فإذا طلبت استرجاع ما أخذ منك فاردد إليه ما أخذته منه، فإن في بقائه معه منفعة له، فإن قال: قد تعذر رد المنفعة التي استوفيتها منه، قيل له: فلا يجمع لك بين ما استمتعت به من منفعته وبين العوض الذي بذلته فيها، فإن قال: أنا بذلت ما لا يجوز بذله، وهو أخذ ما لا يجوز أخذه، قيل: وهو بذل لك من منفعته ما لا يجوز له بذله، واستوفيت أنت ما لا يجوز استيفاؤه، فكلاكما سواء، فما الموجب لرجوعك عليه، ولا يفوت عليك شيء، وتفوت المنفعة عليه، وكلاكما راض بما بذل، مستوف لعوضه؟ ! فإن قال: ما بذلته أنا عين يمكن الرجوع في معوضها الذي بذلت في مقابلته، أو إذا لم يمكن، الأول مسلم، والثاني هو محل النزاع، فكيف يجعل مقدمته من مقدمات الدليل؟ قياسه على المقبوض عوضا عن الخمر والميتة لا يصح كما عرف الفرق بينهما، على أنا لا نسلم أن مشتري الخمر إذا قبض ثمنها وشربها ثم طلب أن يعاد إليه المال أن يقضى له به، بل الأوجه ألا يرد إليه الثمن، ولا يباح للبائع أيضا، لا سيما ونحن نعاقب الخمار يبيع الخمر بأن يحرق الحانوت التي يباع فيها، نص عليه أحمد وغيره من العلماء، فإن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حرق حانوتا يباع فيه الخمر، وعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - حرق قرية يباع فيها الخمر، وهذا على أصل من يرى جواز

<<  <  ج: ص:  >  >>