والثاني: يملكه الغاصب بذلك، ويضمنه لصاحبه، كقول أبي حنيفة.
والثالث: يخير المالك بين أخذه وتضمين النقص، وبين المطالبة بالبدل، وهذا أعدل الأقوال وأقواها.
فإن فوت صفاته المعنوية، مثل أن ينسيه صناعته، أو يضعف قوته، أو يفسد عقله أو دينه، فهذا أيضا يخير المالك فيه: بين تضمين النقص، وبين المطالبة بالبدل، ولو قطع ذنب بغلة القاضي: فعند مالك: يضمنها بالبدل ويملكها، لتعذر مقصودها على المالك في العادة، أو يخير المالك.
الأصل الثاني: أن جميع المتلفات تضمن بالجنس بحسب الإمكان، مع مراعاة القيمة، حتى الحيوان، فإنه إذا اقترضه رد مثله، كما اقترض النبي - صلى الله عليه وسلم - بكرًا، ورد خيرا منه، وكذلك المغرور يضمن ولده بمثلهم، كما قضت به الصحابة، وهذا أحد القولين في مذهب أحمد وغيره، وقصة داود وسليمان عليهما السلام من هذا الباب، فإن الماشية كانت قد أتلفت حرث القوم، فقضى داود بالغنم لأصحاب الحرث، كأنه ضمنهم ذلك بالقيمة، ولم يكن لهم مال إلا الغنم، فأعطاهم الغنم بالقيمة، وأما سليمان: فحكم بأن أصحاب الماشية يقومون على الحرث حتى يعود كما كان، فضمنهم إياه بالمثل، وأعطاهم الماشية، يأخذون منفعتها عوضا عن المنفعة التي فاتت من غلة الحرث إلى أن يعود، وبذلك أفتى الزهري لعمر بن عبد العزيز فيمن أتلف له شجرا، فقال الزهري: يغرسه، حتى يعود كما كان، وقال ربيعة وأبو الزناد: عليه القيمة، فغلظ الزهري القول فيهما.