للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل

وأما إذا استكرهها: فإن هذا من باب المثلة، فإن الإكراه على الوطء مثلة، فإن الوطء يجري مجرى الجناية، ولهذا لا يخلو عن عقر أو عقوبة، ولا يجري مجرى منفعة الخدمة، فهي لما صارت له بإفسادها على سيدتها= أوجب عليه مثلها، كما في المطاوعة، وأعتقها عليه لكونه مثل بها.

قال شيخنا: ولو استكره عبده على الفاحشة عتق عليه، ولو استكره أمة الغير على الفاحشة عتقت عليه، وضمنها بمثلها، إلا أن يفرق بين أمة امرأته وبين غيرها، فإن كان بينهما فرق شرعي، وإلا فموجب القياس التسوية.

وأما قوله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: ٣٣] فهذا نهي عن إكراههن على كسب المال بالبغاء، كما قيل: إن عبد الله بن أُبي ــ رأس المنافقين ــ كان له إماء يكرههن على البغاء، وليس هذا استكراها للأمة على أن يزني بها هو، فإن هذا بمنزلة التمثيل بها، وذاك إلزام لها بأن تذهب هي فتزني.

مع أنه يمكن أن يقال: العتق بالمثلة لم يكن مشروعًا عند نزول الآية، ثم شرع بعد ذلك.

قال شيخنا: والكلام على هذا الحديث من أدق الأمور، فإن كان ثابتا: فهذا الذي ظهر في توجيهه، وإن لم يكن ثابتا: فلا يحتاج إلى الكلام عليه.

قال: وما عرفت حديثًا صحيحًا، إلا ويمكن تخريجه على الأصول الثابتة.

<<  <  ج: ص:  >  >>