للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فكلا القولين خطأ، إذ كيف تعاد إلى الأول، وهو لا يختارها ولا يريدها، وقد فرق بينه وبينها تفريقا سائغًا في الشرع، وأجاز هو ذلك التفريق؟ فإنه وإن تبين للإمام أن الأمر بخلاف ما اعتقده فالحق في ذلك للزوج، فإذا أجاز ما فعله الإمام زال المحذور.

وأما كونها زوجة الثاني بكل حال، مع ظهور زوجها، وتبين أن الأمر بخلاف ما فعل الإمام فهو خطأ أيضًا، فإنه مسلم لم يفارق امرأته، وإنما فرق بينهما بسبب ظهر أنه لم يكن كذلك، وهو يطلب امرأته، فكيف يحال بينه وبينها؟ وهو لو طلب ماله، أو بدله، رد إليه، فكيف لا ترد إليه امرأته، وأهله أعز عليه من ماله؟

وإن قيل: حق الثاني تعلق بها. قيل: حقه سابق على حق الثاني، وقد ظهر انتقاض السبب الذي به استحق الثاني أن تكون زوجة له، وما الموجب لمراعاة حق الثاني دون الأول؟

فالصواب ما قضى به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ولهذا تعجب أحمد ممن خالفه، فإذا ظهر صحة ما قاله الصحابة - رضي الله عنهم - وصوابه في مثل هذه المشكلات التي خالفهم فيها مثل: أبي حنيفة ومالك الشافعي، فلأن يكون الصواب معهم فيما وافقهم هؤلاء بطريق الأولى.

قال شيخنا: وقد تأملت من هذا الباب ما شاء الله، فرأيت الصحابة أفقه الأمة وأعلمها، واعتبر هذا بمسائل الأيمان والنذور، والعتق، وغير ذلك، ومسائل تعليق الطلاق بالشروط، فالمنقول فيها عن الصحابة هو أصح الأقوال، وعليه يدل الكتاب والسنة والقياس الجلي، وكل قول سوى ذلك فمخالف للنصوص، مناقض للقياس.

<<  <  ج: ص:  >  >>