للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعلى ذلك ينبني ما لو أخرجها من تحملت عنه عن نفسه بغير إذن المتحمل لها.

فمن قال: هي واجبة على الغير تحملًا، قال: تجزئ في هذه الصورة، ومن قال: هي واجبة عليه ابتداء، قال: لا تجزئ، بل هي كأداء الزكاة عن الغير.

وكذلك القاتل، إذا لم تكن له عاقلة: هل تجب الدية في ذمة القاتل، أو لا؟ على قولين، بناء على هذا الأصل، والعقل فارق غيره من الحقوق في أسباب اقتضت اختصاصه بالحكم، وذلك أن دية المقتول مال كثير، والعاقلة إنما تحمل الخطأ، ولا تحمل العمد، بالاتفاق، ولا شبهه ــ على الصحيح ــ، والخطأ يعذر فيه الإنسان، فإيجاب الدية في ماله ضرر عظيم عليه، من غير ذنب تعمده، وإهدار دم المقتول من غير ضمان بالكلية فيه إضرار بأولاده وورثته، فلا بد من إيجاب بدله.

فكان من محاسن الشريعة، وقيامها بمصالح العباد: أن أوجب بدله على من عليه موالاة القاتل ونصرته، فأوجب عليهم إعانته على ذلك، وهذا كإيجاب النفقات على الأقارب، وكسوتهم، وكذا مسكنهم، وإعفافهم إذا طلبوا النكاح، وكإيجاب فكاك الأسير من بلد العدو، فإن هذا أسيف بالدية التي لم يتعمد سبب وجوبها، ولا وجبت باختيار مستحقها، كالقرض والبيع، وليست قليلة، فالقاتل في الغالب لا يقدر على حملها، وهذا بخلاف العمد فإن الجاني ظالم، مستحق للعقوبة، ليس أهلا أن يحمل عنه بدل القتل، وبخلاف شبه العمد، لأنه قاصد للجناية متعمد لها، فهو آثم معتدٍ، وبخلاف بدل المتلف من الأموال فإنه قليل في الغالب، لا يكاد المتلف يعجز عن

<<  <  ج: ص:  >  >>