للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعالى في آية الشعراء: {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (٢١٠) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ} [الشعراء: ٢١٠ ـ ٢١١] وإنما تناله الأرواح المطهرة، وهم الملائكة.

ومنها: أن هذا نظير الآية التي في سورة عبس: {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ} [عبس: ١٢ ـ ١٦] قال مالك في «موطئه»: أحسن ما سمعت في تفسير قوله: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: ٧٩]: أنها مثل هذه الآية التي في سورة عبس.

ومنها: أن الآية مكية، من سورة مكية تتضمن: تقرير التوحيد، والنبوة، والمعاد، وإثبات الصانع، والرد على الكفار، وهذا المعنى أليق بالمقصود من فرع عملي، وهو: حكم مس المحدث المصحف.

ومنها: أنه لو أريد به: الكتاب الذي بأيدي الناس، لم يكن في الإقسام على ذلك بهذا القسم العظيم كثير فائدة، إذ من المعلوم أن كل كلام: فهو قابل لأن يكون في كتاب، حقًا أو باطلًا، بخلاف ما إذا وقع القسم على أنه في كتاب مصون مستور عن العيون عند الله، لا يصل إليه شيطان، ولا ينال منه، ولا يمسه إلا الأرواح الطاهرة الزكية، فهذا المعنى: أليق وأجل وأخلق بالآية وأولى بلا شك.

فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول: لكن تدل الآية بإشارتها على أنه: لا يمس المصحف إلا طاهر، لأنه إذا كانت تلك الصحف لا يمسها إلا المطهرون لكرامتها على الله: فهذه الصحف أولى أن لا يمسها إلا طاهر) [مدارج السالكين: ٢/ ٤٣٣ ـ ٤٣٥] (١).


(١) انظر: «شرح العمدة» (١/ ٣٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>