للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَيُقَالُ: اسْكُنْ. وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَإِقْبَالٍ مِنَ الْآخِرَةِ، نَزَلَتْ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ، فَيَنْزِعُونَ رُوحَهُ كَمَا يُنْزَعُ السَّفُّودُ الْكَثِيرُ الشُّعَبِ (١) مِنَ الصُّوفِ الْمُبْتَلِّ، وَتُنْزَعُ (٢) نَفْسُهُ مَعَ الْعُرُوقِ، فَإِذَا خَرَجَ رُوحُهُ لَعَنَهُ كُلُّ مَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَكُلُّ مَلَكٍ فِي السَّمَاءِ، وَيُغْلَقُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، لَيْسَ أَهْلُ بَابٍ إِلَّا وَهُمْ يَدْعُونَ اللَّهَ أَلَّا يُعْرَجَ بِرُوحِهِ قِبَلَهُمْ، فَإِذَا عُرِجَ بِرُوحِهِ (٣)، قَالُوا: رَبَّنَا هَذَا عَبْدُكَ فُلَانٌ، فَيَقُولُ: أَرْجِعُوهُ، فَإِنِّي عَهِدْتُ إِلَيْهِمْ أَنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ، وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ، وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى (٤)، قَالَ: فَإِنَّهُ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِ أَصْحَابِهِ إِذَا وَلَّوْا عَنْهُ، فَيَأْتِيهِ آتٍ، فَيَقُولُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ، وَدِينِيَ الْإِسْلَامُ، وَنَبِيِّي مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم -، فَيَنْتَهِرُهُ انْتِهَارًا شَدِيدًا، فَيَقُولُ: مَنْ رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيَقُولُ: لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَوْتَ، فَيَأْتِيهِ آتٍ قَبِيحُ الثِّيَابِ، مُنْتِنُ الرَّيحِ، فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِهَوَانٍ مِنَ اللَّهِ، وَعَذَابٍ مُقِيمٍ، فَيَقُولُ: وَأَنْتَ فَبَشَّرَكَ اللَّهُ بِالشَّرِّ، مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْخَبِيثُ، كُنْتَ بَطِيئًا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ، سَرِيعًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَجَزَاكَ اللَّهُ شَرًّا، ثُمَّ يُقَيَّضُ لَهُ أَعْمَى، أَصَمُّ، أَبْكَمُ، فِي يَدِهِ مِرْزَبَّةٌ لَوْ ضَرَبَ بِهَا جَبَلًا كَانَ تُرَابًا، فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً فَيَصِيرُ تُرَابًا، ثُمَّ يُعِيدُه اللَّهُ كَمَا كَانَ، فَيَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أُخْرَى، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا (٥) كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ، ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنَ النَّارِ، وَيُمَهَّدُ لَهُ فِرَاشٌ مِنَ النَّارِ".

قَالَ مَعْمَرٌ: وَسَمِعْتُهُ عَنْ مُعَاذٍ، أَنَّهُ قَالَ: "يَسْمَعُهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الثَّقَلَيْنِ" (٦).


(١) في الأصل: "الشعر"، وهو خطأ، والتصويب من (ن)، ويوافقه ما في المصدر السابق. [ن/ ١١٨ أ].
(٢) في (ن): "وتنتزع"، والمثبت هو الموافق لما في المصدر السابق.
(٣) قوله: "فإذا عرج بروحه"، وقع في الأصل: "فلما رجعوه"، والمثبت من (ن)، وهو الموافق لما في المصدر السابق.
(٤) ليس في الأصل، والمثبت من (ن)، ويوافقه ما في المصدر السابق.
(٥) أقحم قبله في الأصل: "أخرى"، ولعله وهم من الناسخ، وفي (ن): "يسمعه"، وهو الموافق لما في المصدر السابق، والمثبت هو اللائق مع قول معمر عقب الحديث.
(٦) تقدم هذا الحديث من طريق الثوري، عن الأعمش، عن المنهال، به، مختصرا جدًّا، برقم: (٦٥٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>