للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومثل هذا العرض التاريخي المختصر لظهور بعض المذاهب الفقهية في اليمن يظهر أن الإمام عبد الرزاق قد عاش حياته إبان نشأة المذاهب الفقهية وتكونها وتوفي قبل اكتمال هذه المرحلة، ومع ذلك فقد تنازعه أصحاب المذاهب الفقهية، فذكره الملا علي القاري في أصحاب أبي حنيفة فقال: "ومن أهل اليمن: معمر بن راشد، وعبد الرزاق بن همام إمام أهل صنعاء أكثر الرواية عن الإمام" (١). وقد سبق ذكر الإمام أبي حنيفة في شيوخ الإمام عبد الرزاق، بينما ذكره القاضي عياض في جملة أصحاب مالك وضمن مشاهير الرواة عنه (٢)، وقد سبق ذكر الإمام مالك في شيوخ الإمام عبد الرزاق أيضا. أما ابن أبي يعلى فعد عبد الرزاق في الطبقة الأولى من أصحاب الإمام أحمد ومن روى عنه حديثًا أو مسألة أو حكاية (٣).

والحق أن الاتجاه الفقهي لعبد الرزاق كان أوسع من أن يحصر في مذهب فقهي لأحد الذاهب الفقهية المعروفة، إذ لم يكن متقيدًا باتجاه فقهي لشيخ معين من شيوخه؛ دل على ذلك دراسة عينة من كتابه "المصنف" قام بها بعض الباحثين؛ تتبع فيها بعض المواضع التي صرح فيها الإمام عبد الرزاق باختياره واختيار غيره في المسألة (٤)، وخلاصة البحث في هذه العينة أن مذهب الإمام عبد الرزاق هو مذهب أكثر الصحابة والتابعين، وأن له شخصيته الفقهية المتميزة، وله آراؤه وتوضيحاته الخاصة، وأنها ليست بالضرورة مذهب أحد شيوخه (٥).

[مكانة الإمام عبد الرزاق العلمية وأقوال العلماء فيه]

احتل الإمام عبد الرزاق بين علماء عصره مكانة فريدة ومنزلة رفيعة جعلت الإمام يحيى بن معين - وقد سئل إن كان قد ترك حديثه - يقول: "لو ارتد عبد الرزاق عن


(١) "الأثمار الجنية في أسماء الحنفية" (ص ١٣١).
(٢) "ترتيب المدارك" (٢/ ٢٠٨).
(٣) "طبقات الحنابلة" لابن أبي يعلى (١/ ٢٠٩).
(٤) "منهج الحافظ عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه" لأسماء إبراهيم سعود عجين (ص ٢٩٨ - ٣١٢).
(٥) "منهج الحافظ عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه" (ص ٣١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>