للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"لَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي أَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَحْزَمُكُمْ وَأَبَرُّكُمْ، وَلَوْلَا هَدْيِي لَحَلَلْتُ، فَحِلُّوا، وَلَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ (١) مَا أَهْدَيْتُ"، فَحَلَلْنَا وَسَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، وَقَدِمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ سِعَايَتِهِ (٢) فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "بِمَا أَهْلَلْتَ يَا عَلِيُّ؟ " قَالَ: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "فَاهْدِ وَامْكُثْ حَرَامَا كَمَا أَنْتَ". وَأَهْدَى لَهُ عَلِيٌّ هَدْيًا، فَقَالَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ مُتَعَنِّتًا: هَذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَوْ لِأَبَدٍ؟ قَالَ: "بَلْ لِأَبَدٍ".

° [١٠٠٥٠] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ"، فَقَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يُفْرِدُ الْحَجَّ وَيَذْبَحُ، فَقَدْ دَخَلَتْ لَهُ عُمْرَةٌ فِي الْحَجِّ، فَوَجَبَتَا لَهُ جَمِيعًا.

[١٠٠٥١] قال عَبْدُ الرَّزَّاقِ: وَسَمِعْتُ الثَّوْرِيَّ يُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: أَمَّا نَحْنُ فَنَقُولُ: هُوَ الْقَرْنُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ: هُوَ الرَّجُلُ يُهِلُّ بِالْحَجِّ فَيُصَيِّرُ حَجَّهُ عُمْرَةً.


(١) لو استقبلت من أمري ما استدبرت: لو تأخر من أمري ما تقدم. (انظر: المشارق) (١/ ٢٥٣).
(٢) قوله: "من سعايته" وقع في (ك): "من مغابته"، والتصويب من "صحيح مسلم" (٦/ ١٢٣١)، "المجتبى" (٢٧٦٤)، غيرهما، من طريق ابن جريج، به، ووقع في "البخاري" (٤٣٣٥) من طريق ابن جريج أيضًا: "بسعايته"، قال النووي في "شرحه على مسلم" (٨/ ١٦٤): "السعاية بكسر السين، قال القاضي عياض: "قوله: "من سعايته" أي: من عمله في السعي في الصدقات، قال: وقال بعض علمائنا: الذي في غير هذا الحديث أنه إنما بعث عليا - رضي الله عنه - أميرا لا عاملا على الصدقات؛ إذ لا يجوز استعمال بني هاشم على الصدقات، لقوله - صلى الله عليه وسلم - للفضل بن عباس وعبد المطلب بن ربيعة حين سألاه ذلك: "إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد" ولم يستعملهما، قال القاضي: يحتمل أن عليا - رضي الله عنه - ولي الصدقات وغيرها احتسابا، أو أعطي عمالته عليها من غير الصدقة، قال: وهذا أشبه لقوله: "من سعايته" والسعاية تختص بالصدقة". هذا كلام القاضي، وهذا الذي قاله حسن إِلَّا قوله: "إن السعاية تختص بالعمل على الصدقة" فليس كذلك؛ لأنها تستعمل في مطلق الولاية، وإن كان أكثر استعمالها في الولاية على الصدقة، ومما يدل لما ذكرته حديث حذيفة السابق في كتاب الإيمان من "صحيح مسلم" قال في حديث رفع الأمانة: "ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت، لئن كان مسلما ليردنه علي دينه، ولئن كان نصرانيا أو يهوديا ليردنه علي ساعيه" يعني: الوالي عليه، واللَّه أعلم". اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>