للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ". ثُمَّ دَعَا وَسَأَلَ وَرَغِبَ، ثُمَّ عَادَ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ الْأُولَى حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَفْصِلُ بَيْنَهُن بِدُعَاءٍ وَرَغْبَةٍ وَمَسْأَلَةٍ ثُمَّ نَزَلَ مَا شَاءَ حَتَّى إِذَا أَنْصبَتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي رَمَلَ حَتَّى ظَهَرَ مِنَ الْوَادِي، ثُمَّ مَشَى حَتَّى جَاءَ الْمَرْوَةَ، فَظَهَرَ عَلَيْهَا وَصَنَعَ عَلَيْهَا كَمَا صَنَعَ عَلَى الصَّفَا، حَتَّى فَرَغَ مِنْ سَبْعَةِ أَطوَافٍ بَيْنَهُمَا، بَدَأَ بِالصَّفَا وَخَتَمَ بِالْمَرْوَةِ، ثُمَّ قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمَرْوَةِ وَالنَّاسُ تَحْتَهُ: "لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْي وَلَحَلَلْتُ".

قَالَ: ثُمَّ أَمَرَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أَنْ يَحِلَّ بِعُمْرَةٍ، قَالَ: فَقَالَ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عُمْرَتُنَا هَذِهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ؟ فَشَبَّكَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ قَالَ: "بَلْ لِأَبَدِ أَبَدٍ، دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، فَحَلَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، وَثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى حُرْمِهِ لِلْهَدْيِ الَّذِي كَانَ مَعَهُ، وَقَدِمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنَ الْيَمَنِ وَمَعَهُ هَدْيٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَدَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ فَوَجَدَ عَلَيْهَا ثِيَابًا مُصْبَغَةً، فَسَأَلَهَا فَقَالَتْ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أَحِلَّ، قَالَ: فَجِئْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - مُحَرِّشًا (١) عَلَيْهَا، وَمُسْتَفْتِيًا، فَقَالَ: "صَدَقَتْ صَدَقَتْ ثُمَّ قَالَ: "بِمَا أَهْلَلْتَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ، قَالَ: "فَلَا تَحْلِلْ، فَإِنِّي أَشْرَكْتُكَ فِي هَدْيِي"، وَكَانَ الْهَدْيُ الَّذِي جَاءَ بِهِ عَلِي مِنَ الْيَمَنِ وَجَاءَ بِهِ * رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِائَةَ بَدَنَةٍ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْويَةِ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى مِنًى فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ، ثُمَّ غَدَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُسْفِرًا جِدًّا مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ، حَتَّى جَاءَ عَرَفَةَ فَقَالَ بِنَمِرَةَ وَضَرَبَ فِيهَا قُبَّةً لَهُ مِنْ شَعَرٍ، وَقَالَ النَّاسُ فِي الْأَرَاكِ وَفِي غِيرَانٍ فِي الْجَبَلِ، حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِنَاقَتِهِ فَرُحِّلَتْ، فَرَكِبَهَا حَتَّى جَاءَ الْمُصَلَّى، وَهُوَ الَّذِي فِيهِ الْمِنْبَرُ فَخَطَبَ النَّاسَ، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ وَأَقَامَ لِلظُّهْرِ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ لِلْعَصْرِ فَصَلَّاهَا وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ رَكِبَ فَوَقَفَ بِعَرَفَةَ إِلَى أَصْلِ الْجَبَلِ، فَقَالَ: "قَدْ وَقَفْتُ هَاهُنَا


(١) محرشا: أراد بالتحريش هاهنا: ذكر ما يوجب عتابه لها. (انظر: النهاية، مادة: حرش).
* [ك/ ١٨٠ أ].

<<  <  ج: ص:  >  >>