للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

توُفيَت أُمُّهُ، فَهَمَّ (١) فِي حَجْرِ جَدِّهِ، فَكَانَ وَهُوَ غُلامٌ يَأتي وِسَادَةَ جَدِّهِ، فيَجْلِسُ عَلَيْهَا، فَيَخْرُجُ جَدُّهُ وَقَدْ كَبُرَ، فَتَقُولُ الْجَارِيَةُ الَّتِي تَقُودُهُ: انْزِلْ عَنْ وِسَادَةِ جَدِّكَ، فَيَقُولُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: دَعِي ابنِي، فَإِنَّهُ مُحسِنٌ بِخَيْرٍ، ثُمَّ تُوُفِّيَ جَدُّهُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غُلَامٌ، فَكَفَلَهُ أَبو طَالِبٍ، وَهُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَلَمَّا نَاهَزَ الْحُلُمَ، ارْتَحَلَ بِهِ أَبُو طَالِبٍ تَاجِرًا قِبَلَ الشَّامِ، فَلَمَّا نَزَلَا تَيْمَاءَ رَآهُ حَبْرٌ مِنْ يَهُودِ تَمِيمٍ، فَقَالَ لِأَبِي طَالِبٍ: مَا هَذَا الْغُلَامُ مِنْكَ؟ قَالَ: هُوَ ابْنُ أَخِي، قَالَ لَهُ: أَشَفِيقٌ أَنْتَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدِمْتَ بِهِ إِلَى الشَامِ لَا تَصِلُ بِهِ إِلَى أَهْلِكَ أَبَدًا، لَيَقتُلُنَّهُ، إِنَّ هَذَا عَدُوُّهُمْ، فَرَجَعَ أَبُو طَالِبٍ مِنْ تَيْمَاءَ (٢) إِلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الحُلُمَ، أَجمَرَتِ امْرَأَةٌ الْكَعْبَةَ، فَطَارَتْ شَرَارَةٌ مِن مِجْمَرِهَا فِي ثِيَابِ الكَعْبَةِ فَأَحْرَقَتهَا، وَوَهَتْ، فَتَشَاوَرَتْ قُرَيْش فِي هَدْمِهَا، وَهَابُوا هَدْمَهَا، فَقَالَ لَهُمُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: مَا تُرِيدُونَ بِهَدمِهَا؟ الْإِصْلَاحَ تُرِيدُونَ أَمِ الْإِسَاءَةَ؟ فَقَالُوا: بَلِ الْإِصلَاحَ، قَالَ: فَإِنَّ اللهَ لَا يُهلِكُ المُصْلِحَ، قَالُوا: فَمَنِ الَّذِي يَعْلُوهَا فَيَهدِمُهَا؟ قَالَ الْوَلِيدُ: أَنَا أَعْلُوهَا، فَأَهْدِمُهَا، فَارْتَقَى الْوَلِيدُ بْنُ المُغِيرةِ عَلَى ظَهْرِ الْبَيتِ، وَمَعَهُ الْفَأْسُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنا لَا نُرِيدُ إِلَّا الْإِصلَاحَ، ثُمَّ هَدَمَ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قُرَيْش قَد هَدَمَ مِنْهَا، وَلَمْ يَأْتِهِمْ مَا خَافُوا مِنَ العَذَابِ، هَدَمُوا مَعَهُ، حَتَّى إِذَا بَنَوْهَا فَبَلَغُوا مَوْضعَ الرُّكنِ، اجتَمَعَت قُرَيْش فِي الرُّكْنِ، أَيُّ الْقَبَائِلِ تَرْفَعُهُ؟ حَتَّى كَادَ يَشْجُرُ بَينَهُمْ، فَقَالُوا: تَعَالَوْا نُحَكِّمُ أَوَّلَ مَنْ يَطْلُعُ عَلَيْنَا مِنْ هَذِهِ السِّكَّةِ، فَاصطَلَحُوا عَلَى ذَلِكَ، فَطَلَعَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهوَ غُلَامٌ عَلَيهِ وِشَاحُ (٣) نَمِرةٍ، فَحَكَّمُوهُ، فَأَمَرَ بِالرُّكْنِ، فَوُضِعَ في ثَوْبٍ، ثُمَّ أَمَرَ * بِسَيِّدِ كُلِّ قَبِيلَةٍ، أَعْطَاهُ بِنَاحِيَةِ الثَّوْبِ، ثُمَّ ارْتَقَى وَرَفَعوا إِلَيْهِ الرُّكْنَ، فَكَانَ هُوَ يَضَعُهُ، ثُمَّ طَفِقَ لَا يَزْدَادُ


(١) كذا في الأصل، ولم نتبينه.
(٢) تصحف في الأصل إلى: "تميم"، وصوبناه من الموضع السابق في الحديث.
(٣) الوشاح: نسيج من أديم عريض يرصع بالجوهر، وتشده المرأة بين عاتقيها وكشحيها (خصريها). (انظر: معجم الملابس) (ص ٥٢٧).
* [٣/ ٦٦ أ].

<<  <  ج: ص:  >  >>