للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَقْرَؤُهَا: {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا} حَتَّى بَلَغَ {عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرعد: ٤٣]، قَالَ: فَانْتَظَرَ عُمَرُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى سَلَّمَ مِن صَلَاتِهِ، ثُمَّ ائظَلَقَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَهْلِهِ، فَأَسْرَعَ عُمَرَ الْمَشْيَ فِي أَثَرهِ حِينَ رَآهُ، فَقَالَ: انْظُرْنِي يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَعُوذُ (١) بِاللهِ مِنْكَ"، فَقَالَ عُمَرُ: انْظُرْنِي يَا مُحَمَّدُ، يَا رَسُولَ اللهِ، قالَ: فَانْتَظَرَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَآمَنَ بِهِ عُمَرَ وَصَدَّقَهُ، فَلَمَّا أَسلَمَ عُمَرُ - رضي الله عنه - انْطَلَقَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَالِهِ (٢) الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ: أَيْ خَالِي! اشْهَدْ أَنِّي أُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ محَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَخْبِرْ بِذَلِكَ قَوْمَكَ، فَقَالَ الْوَلِيدُ: ابْنَ أُخْتِي تَثَبَّتْ فِي أَمْرِكَ، فَأَنْتَ عَلَى حَالٍ تُعْرَفُ بِالنَّاسِ يُصبِحُ الْمَرْءُ فِيهَا عَلَى حَالٍ، وَيُمْسِي عَلَى حَالٍ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاللهِ قَدْ تَبَيَّنَ لِي الْأَمْرُ، فَأَخْبِرْ قَوْمَكَ بِإِسْلَامِي، فَقَالَ الْوَلِيدُ: لَا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْكَ، فَدَخَلَ عُمَرُ فَاسْتَأْنَى (٣)، فَلَمَّا عَلِمَ عُمَرَ أَنَّ الْوَلِيدَ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ شَأْنِهِ، دَخَلَ عَلَى جَمِيلِ بْنِ مَعْمَرٍ الْجُمَحِي، فَقَالَ: أَخْبِرْ أَنِّي أَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: فَقَامَ جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ يَجُرُّ رِدَاءَهُ مِنَ الْعَجَلَةِ جَرًّا، حَتَّى تَتَبَّعَ مَجَالِسَ قُرَيْشٍ، يَقُولُ: صبَأَ (٤) عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَلَمْ تُرْجِعْ إِلَيهِ قُرَيْشٌ شَيْئًا، وَكَانَ عُمَرُ سَيدَ قَوْمِهِ، فَهَابُوا الْإِنْكَارَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَآهُمْ لَا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ عَلَيْهِ (*) مَشَى، حَتَّى أَتَى مَجَالِسَهُمْ أَكْمَلَ مَا كَانَتْ، فَدَخَلَ الْحِجْرَ (٥)، فَأَسْنَدَ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَثَارُوا فَقَاتَلَهُ رِجَالٌ مِنْهُمْ قِتَالًا


(١) التعوذ والاستعاذة: اللجوء والملاذ والاعتصام. (انظر: النهاية، مادة: عوذ).
(٢) في الأصل: "خالد بن"، والصواب ما أثبتناه.
(٣) غير واضح في الأصل، وما أثبتناه أقرب للسياق.
(٤) الصابئ: الخارج من دينه إلى دين غيره، والجمع: صُباة. (انظر: النهاية، مادة: صبأ).
(*) [٣/ ٦٧ ب].
(٥) الحجر: فناء من الكعبة في شقها الشامي، محوط بجدار، ولا زاد يعرف بحجر إسماعيل. (انظر: المعالم الأثيرة) (ص ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>