للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْجَبَّانَةِ (١)، انْخَزَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ بِثُلُثِ الْجَيْشِ، أَوْ قَرِيبٍ مِنْ ثُلُثِ الْجَيْشِ، فَانْطَلَقَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى لَقُوهُمْ بِأُحُدٍ، وَصَافُّوهُمْ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَهِدَ إِلَى أَصْحَابِهِ إِنْ هُمْ هَزَمُوهُمْ أَلَّا يَدْخُلُوا لَهُمْ عَسْكَرًا، وَلَا يَتْبَعُوهُمْ، فَلَمَّا الْتَقَوْا هَزَمُوا، وَعَصَوْا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وَتَنَازَعُوا وَاخْتَلَفُوا، ثُمَّ صَرَفَهُمُ اللهُ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَهُمْ، كَمَا قَالَ اللهُ، وَأَقْبَلَ الْمُشْرِكُونَ وَعَلَى خَيْلِهِمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَتَلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سَبْعِينَ رَجُلًا، وَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ شَدِيدَةٌ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ (٢) رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ودَمِيَ وَجْهُهُ، حَتَّى صَاحَ الشَّيْطَانُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ قُتِلَ مُحَمَّد، قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ عَرَفَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، عَرَفْتُ عَيْنَيْهِ مِنْ وَرَاءِ الْمِغْفَرِ (٣)، فَنَادَيْتُ بِصوْتيَ الْأَعْلَى: هَذَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَشَارَ إِلَيَّ أَنِ اسْكُتْ، وَكَفُّ اللهُ الْمُشْرِكِينَ، وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ وُقُوفٌ، فَنَادَى أَبُو سُفْيَانَ بَعْدَمَا مُثِّلَ بِبَعْضِ أَصحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَجُدِعُوا، وَمِنْهُمْ مَنْ بُقِرَ بَطْنُهُ، فَقَالَ أَبُو سفْيَانَ: إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي قَتْلَاكُمْ بَعْضَ الْمَثْلِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَنْ ذَوِي رَأْيِنَا وَلَا سَادَتِنَا، ثُمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: اعْلُ هُبَلُ (٤)، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: اللهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ، فَقَالَ: أَنْعَمْتَ عَيْنًا، قَتْلَى بِقَتْلَى بَدْرٍ، فَقَالَ عُمَرُ: لَا يَسْتَوِي الْقَتْلَى، قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ، وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَقَدْ خِبْنَا إِذَنْ، ثُمَّ انْصَرَفُوا رَاجِعِينَ، وَنَدَبَ (٥) النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَصْحَابَهُ فِي طَلَبِهِمْ، حَتَّى إِذَا بَلَغُوا قَرِيبًا مِنْ حَمْرَاءَ الْأَسَدِ (٦)، وَكَانَ فِيمَنْ طَلَبَهُمْ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، وَذَلِكَ حِينَ


(١) الجبانة: الصحراء، وتسمى بها المقابر، لأنها تكون في الصحراء، تسمية للشيء بموضعه. (انظر: النهاية، مادة: جبن).
(٢) الرباعية: إحدى الأسنان الأربع التي تلي الثنايا بين الثنية والناب تكون للإنسان وغيره، والجمع: رباعيات. (انظر: اللسان، مادة: ربع).
(٣) المغفر: اللثام أو طرف العمامة يشده على فمه. (انظر: اللسان، مادة: غفر).
(٤) هبل: صنم معروف كان يُعبَد. (انظر: النهاية، مادة: هبل).
(٥) الندب: الحث على الشيء والترغيب فيه. (انظر: المشارق) (٢/ ٧).
(٦) حمراء الأسد: على ثمانية أميال من المدينة عن يسار الطريق إذا أردت ذا الحليفة. (انظر: الروض المعطار) (ص ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>