للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ كِتَابًا، وَذَلِكَ مَقْدَمُهُ مِنَ الشَّامِ، فَخَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَكَلَّمَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: هَلُمَّ (١) فَلْنُجدِّدْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كِتَابَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "فَنَحْنُ عَلَى أَمْرِنَا الَّذِي كَانَ (*)، وَهَلْ أَحْدَثْتُمْ مِنْ حَدَثٍ؟ " فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "فَنَحْنُ عَلَى أَمْرِنَا الَّذِي كَانَ بَيْنَنَا"، فَجَاءَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ عَلَى أَنْ تَسُودَ الْعَرَبَ، وَتَمُنَّ عَلَى قَوْمِكَ فَتُجِيرَهُمْ، وَتُجَدِّدَ لَهُمْ كِتَابًا؟ فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَفْتَاتَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِأَمْرٍ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى فَاطِمَةَ، فَقَالَ: هَلْ لَكِ أَنْ تَكُونِي خَيْرَ سَخْلَةٍ فِي الْعَرَبِ؟ أَنْ تُجِيرِي بَيْنَ النَّاسِ، فَقَدْ أَجَارَتْ أُخْتُكِ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - زَوْجَهَا أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ فَلَمْ يُغَيِّرْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: مَا كُنْتُ لِأَفْتَاتَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِأَمْرٍ، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ: أَجِيرَا بَيْنَ النَّاسِ، قُولَا: نَعَمْ، فَلَمْ يَقُولَا شَيْئًا، وَنَظَرَا إِلَى أُمِّهِمَا، وَقَالَا: نَقُولُ مَا قَالَتْ أُمُّنَا، فَلَمْ يَنْجَحْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا طَلَبَ، فَخَرَجَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قُرَيْشٍ، فَقَالُوا: مَاذَا جِئْتَ بِهِ؟ قَالَ: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ قَوْمٍ قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبٍ وَاحِدٍ، وَاللهِ مَا تَرَكْتُ مِنْهُمْ صَغِيرًا وَلَا كَبِيرًا، وَلَا أُنْثَى، وَلَا ذَكَرًا، إِلَّا كَلَّمْتُهُ، فَلَمْ أَنْجَحْ مِنْهُمْ شَيْئًا، قَالُوا: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا ارْجِعْ، فَرَجَعَ وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ قُرَيْشًا، حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِنَاسٍ مِنَ الْأَنْصارِ: "انْظُرُوا أَبَا سُفْيَانَ فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَهُ"، فَنَظَرُوهُ فَوَجَدُوهُ، فَلَمَّا دَخَلَ الْعَسْكَرَ جَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَجَئُونَهُ، وَيُسْرِعُونَ إِلَيْهِ، فَنَادَى: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي لَمَقْتُولٌ، فَأُمِرَ بِي إِلَى الْعَبَّاسٍ، وَكَانَ الْعَبَّاسُ لَهُ خِدْنًا وَصدِيقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلَى الْعَبَّاسٍ، فَبَاتَ عِنْدَهُ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، تَحَرَّكَ النَّاسُ، فَظَنَّ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَهُ قَالَ: يَا عَبَّاسُ مَا شَأْنُ النَّاسِ قَالَ: تَحَرَّكُوا لِلْمُنَادِي لِلصَّلَاةِ، قَالَ: فَكُلُّ هَؤُلَاءِ إِنَّمَا تَحَرَّكُوا لِمُنَادِي مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَقَامَ الْعَبَّاسُ لِلصَّلَاةِ وَقَامَ مَعَهُ، فَلَمَّا فَرَغُوا، قَالَ: يَا عَبَّاسُ، مَا يَصْنَعُ مُحَمَّدٌ شَيْئًا إِلَّا


(١) هلم: أقبِل وتعال، أو: هات وقرب. (انظر: مجمع البحار، مادة: هلم).
(*) [٣/ ٧٦ أ].

<<  <  ج: ص:  >  >>