للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قُرَيْشٍ خَرَجُوا بِنِسَائِهِمْ، فَوُلِدَ بِهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، وَوُلِدَتْ بِهَا أَمَةُ ابْنَةُ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ أُمُّ عَمْرِو بْنِ الزُّبَيْرِ، وَخَالِدِ بْنِ الزبَيْرِ، وَوُلِدَ بِهَا الْحَارِثُ بْنُ حَاطِبِ فِي نَاسٍ مِنْ قُرَيْشٍ وُلِدُوا بِهَا.

قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ قَطُّ إِلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - طَرَفَيِ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً (١)، فَلَمَّا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - مُهَاجِرًا قِبَلَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ، وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَةِ (٢)، فَقَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ: أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَنِي قَوْمِي، فَأُرِيدُ أَنْ أَسِيحَ فِي الْأَرْضِ وَأَعْبُدَ رَبِّي، فَقَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ: مِثْلُكَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَا يَخْرُجُ وَلَا يُخْرَجُ إِنَّكَ تَكْسِبُ الْمَعْدُومَ (٣)، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ (٤)، وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ فَأَنَا لَكَ جَارٌ، فَارْجِعْ فَاعْبُدْ رَبَّكَ بِبَلَدِكَ، فَارْتَحَلَ ابْنُ الدَّغِنَةِ وَرَجَعَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، فَطَافَ ابْنُ الدَّغِنَةِ فِي كُفَّارِ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَلَا يُخْرَجُ مِثْلُهُ أَتُخْرِجُونَ رَجُلًا يُكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَيَصِلُ الرَّحِمَ، وَيَحْمِلُ الْكَلَّ، وَيَقْرِي الضَّيْفَ، وَيُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، فَأَنْفَذَتْ قُرَيْشٌ جِوَارَ ابْنِ الدَّغِنَةِ، وَأَمَّنُوا أَبَا بَكْرٍ، وَقَالُوا لاِبْنِ الدَّغِنَةِ مُرْ أَبَا بَكْرٍ فَلْيَعْبُدْ رَبَّهُ فِي دَارِهِ، وَلْيُصَلِّ فِيهَا مَا شَاءَ، وَلَا يُؤْذِينَا، وَلَا يَسْتَعْلِنْ بِالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ دَارِهِ، فَفَعَلَ ثُمَّ بَدَا لِأَبِي بَكْرٍ، فَبَنَى مَسْجِدًا بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَكَانَ يُصَلِّي فِيهِ وَيَقْرَأُ فَيَتَقَصَّفُ (٥) عَليْهِ نِسَاءُ المُشْرِكِينَ وَأَبْنَاؤُهُمْ يَعْجَبُون مِنْهُ وَيَنْظرُونَ إِليْهِ، وَكَانَ أبُو بَكْرٍ


(١) العشي والعشية: آخر النهار، ما بين زوال الشمس إلى وقت غروبها، وقيل: من زوال الشمس إلى الصباح. (انظر: اللسان، مادة: عشا).
(٢) القارة: قبيلة من بني الهون بن خزيمة، سُموا قارة؛ لاجتماعهم والتفافهم، ويوصفون بالرمي. (انظر: النهاية، مادة: قور).
(٣) المعدوم والمعدم والعديم: الفقير شديد الحاجة الذي لا شيء عنده. (انظر: النهاية، مادة: عدم).
(٤) الكل: الثقل من كل ما يتكلف. وقيل: العيال. (انظر: النهاية، مادة: كلل).
(٥) تقصف عليه القوم: يعني: ازدحموا عليه. (انظر: النهاية، مادة: قصف).

<<  <  ج: ص:  >  >>