للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثِيَابَ بَيَاضٍ، يُقَالُ كَسَوْهُمْ أَعْطَوْهُمْ، وَسَمِعَ الْمُسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ بِمَخْرَجِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَكَانُوا يَغْدُونَ كُلَّ غَدَاةٍ (١) إِلَى الْحَرَّةِ (٢) فَيَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يُؤْذِيَهُمْ حَرُّ الظَّهِيرَةِ، فَانْقَلَبُوا يَوْمًا بَعْدَمَا أَطَالُوا انْتِظَارَهُ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى بُيُوتِهِمْ أَوْفَى رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ أُطُمًا مِنْ آطَامِهِمْ لِأَمْرٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَبَصرَ بِرَسُولِ اللهِ وَأَصْحَابِهِ مُبَيِّضِينَ، يَزُولُ بِهِمُ السَّرَابُ، فَلَمْ يَتَنَاهَى الْيَهُودِيُّ أَنْ نَادَى بِأَعْلَى صوْتِهِ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ، هَذَا جَدُّكُمُ (٣) الَّذِي تَنْتَظِرُونَهُ فَثَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى السِّلَاحِ، فَلَقُوا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حتَّى أَتَوْهُ بِظَاهِرِ الْحَرَّةِ، فَعَدَلَ بِهِمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ الْيَمِينِ حَتَّى نَزَلَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَذَلِكَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ فَقَامَ (٤) وَأَبُو بَكْرٍ يُذَكِّرُ النَّاسَ، وَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صامِتًا، وَطَفِقَ مَنْ جَاءَ مِنَ الْأَنْصارِ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ رَأَى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَحْسَبُهُ أَبَا بَكْرٍ حَتَّى أَصَابَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الشَّمْسُ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى ظَلَّلَ عَلَيْهِ بِرِدَائِهِ، فَعَرَفَ النَّاسُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عنْدَ ذَلِكَ، فَلَبِثَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَابْتَنَى الْمَسْجِدَ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى وَصَلَّى فِيهِ، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَاحِلَتَهُ، فَسَارَ وَمَشَى النَّاسُ حَتَّى بَرَكَتْ بِهِ عَنْدَ مَسْجِدِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ يُصلِّي فِيهِ يَوْمَئِذٍ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ مِرْبَدًا (٥) لِلتَّمْرِ لِسَهْلٍ وَسُهَيْلٍ غُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ أَخَوَيْنِ فِي حِجْرِ أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ: "هَذَا الْمَنْزِلُ إِنْ شَاءَ اللهُ"، ثُمَّ دَعَا (*) رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الْغُلَامَيْنِ


(١) الغداة: ما بين الفجر وطلوع الشمس، والجمع: غدوات. (انظر: النهاية، مادة: غدا).
(٢) الحرة: أرض ذات حجارة سود، والجمع: حرات وحرار، والمراد: حرة بني بياضة، وهي من الحرة الغربية بالمدينة الشريفة. (انظر: المعالم الأثيرة) (ص ٩٨).
(٣) جدكم: صاحب جدكم وسلطانكم، وقد يحتمل أن يريد: سعدكم ودولتكم. (انظر: المشارق) (١/ ١٤١).
(٤) بعده في الأصل: "رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، والمثبت الصواب، ينظر: "صحيح البخاري".
(٥) المربد: الموضع الذي تحبس فيه الإبل والغنم، أو يوضع فيه التمر لينشف. (انظر: النهاية، مادة: ربد).
(*) [٣/ ٨٠ أ].

<<  <  ج: ص:  >  >>