للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِهِ إِلَى سُلَيْمَانَ، فَأَرَاهُ سُلَيْمَانُ خَاتَمَهُ، فَلَمَّا رَآهُ ذَلِكَ وَكَانَ مُلْكُ سُلَيْمَانَ فِي خَاتَمِهِ، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: إِنِّي قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَبْنِيَ مَسْجِدًا (١) لَا أَسْمَعُ فِيهِ صَوْتَ مِنْقَارٍ وَلَا مِنْشَارٍ، فَأَمَرَ الشَّيْطَانُ بِزُجَاجَةٍ فَصُنِعَتْ، ثُمَّ وُضِعَتْ عَلَى بَيْضِ الْهُدْهُدِ فَجَاءَ الْهُدْهُدُ لِلرَّبْضِ عَلَى بَيْضهِ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَذَهَبَ فَقَالَ الشَّيْطَانُ: انْظُرُوا مَا يَأْتِي بِهِ الْهُدْهُدُ فَخُذُوهُ، فَجَاءَ بِالْمَاسِ فَوَضَعَهُ عَلَى الزُّجَاجَةِ فَفَلَقَهَا فَأَخَذُوا الْمَاسَ، فَجَعَلُوا يَقُطُّونَ بِهِ الْحِجَارَةَ قَطًّا حَتَّى بَنَى بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ: وَانْطَلَقَ سُلَيْمَانُ يَوْمًا إِلَى الْحَمَّامِ وَقَدْ كَانَ فَارَقَ بَعْضَ نِسَائِهِ فِي بَعْضِ الْمَأْثَمِ، فَدَخَلَ الْحَمَامَ وَمَعَهُ ذَلِكَ الشَّيْطَانُ، فَلَمَّا دَخَلَ ذَلِكَ أَخَذَ الشَّيطَانُ خَاتَمَهُ فَأَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ، وَأَلْقَى عَلَى كُرْسِيِّهِ - السَّرِيرِ - جَسَدًا شِبْهَ سُلَيْمَانَ، فَخَرَجَ سُلَيْمَانُ وَقَدْ ذَهَبَ مُلْكُهُ، فَكَانَ الشَّيْطَانُ عَلَى سَرِيرِ سُلَيْمَانَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَاسْتَنْكَرَهُ أَصْحَابُهُ، وَقَالُوا: لَقَدْ فُتِنَ سُلَيْمَانُ مِنْ تَهَاوُنِهِ بِالصَّلَاةِ، وَكَانَ ذَلِكَ الشَيْطَانُ يَتَهَاوَنُ بِالصَّلَاةِ، وَبِأَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ، وَكَانَ مَعَهُ مِنْ صَحَابَةِ سُلَيْمَانَ رَجُلٌ يُشَبَّهُ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الْجَلَدِ وَالْقُوَّةِ، فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُهُ لَكُمْ فَجَاءَهُ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا تَقُول فِي أَحَدِنَا يُصِيبُ مِنِ امْرَأَتِهِ فِي اللَّيلَةِ الْبَارِدَةِ، ثُمَّ يَنَامُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ لَا يَغْتَسِلُ وَلَا يُصلِّي هَلْ تَرَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ بَأْسًا؟ قَالَ: لَا بَأْسَ عَلَيْهِ، فَرَجَعَ إِلَى أَصحَابِهِ، فَقَالَ: لَقَدِ افْتُتِنَ سُلَيْمَانُ، قَالَ: فَبَيْنَا سُلَيمَانُ ذَاهِبٌ فِي الْأَرْضِ إِذْ أَوَى إِلَى امْرَأَةٍ فَصنَعَتْ لَهُ حُوتًا، أَوْ قَالَ: فَجَاءَتْهُ بِحُوتٍ فَشَقَّتْ بَطْنَهُ، فَرَأَى سُلَيْمَانُ خَاتَمَهُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ، فَرَفَعَهُ، فَأَخَذَهُ، فَلَبِسَهُ، فَسَجَدَ لَهُ كُلُّ شَيءٍ لَقِيَهُ مِنْ دَابَّةٍ، أَوْ طَيْرٍ، أَوْ شَيءٍ وَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ مُلْكَهُ، فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [ص: ٣٥]، قَالَ قَتَادَةُ: يَقُولُ لَا تَسْلُبَنَّهُ مَرَّةَ أُخْرَى *. قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ الْكَلْبِيُّ: فَحِينَئِذٍ سُخِّرَتْ لَهُ الشَّيَاطِينُ مَعًا وَالطَّيْرُ.


(١) أقحم بعده في الأصل: "أن".
* [٣/ ٨٥ أ].

<<  <  ج: ص:  >  >>