للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَرَغَ * مِنْ أَذَانِهِ قَامَ عُمَر، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُه، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْد، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَقُولَ مَقَالَةً قَدْ قُدِّرَ لِي أَنْ أَقُولَهَا، لَا أَدْرِي لَعَلَّهَا بَيْنَ يَدَيْ أَجَلِي: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بالْحَقِّ وَأَنْزَلَ مَعَهُ الْكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ آيَةَ الرَّجْمِ، فَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ورَجَمْنَا بَعْدَه، وإِنِّي خَائِفٌ أَنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ، فَيَقُولَ قَائِلٌ: وَاللهِ مَا الرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ فَيضِلَّ أَوْ يَتْرُكَ فَرِيضَةً أَنْزَلَهَا اللَّه، أَلَا وإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ (١) وَقَامَتِ الْبَيِّنَةُ (٢) وَكَانَ الْحَمْلُ أَوْ الاِعْتِرَاف، ثُمَّ قَدْ كُنَّا نَقْرَأُ: وَلَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ، أَوْ فَإِنَّ كُفْرًا بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا تُطْرُونِي (٣) كَمَا أَطْرَتِ (٤) النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيهِ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُ اللَّهِ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ"، ثُمَّ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ فُلَانًا مِنْكُمْ، يَقُولُ: إِنَّهُ لَوْ قَدْ مَاتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ بَايَعْتُ فُلَانًا، فَلَا يَغُرَّنَّ امْرَأً، أَنْ يَقُولَ: إِنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ كَانَتْ فَلْتَةً (٥) وَقَدْ كَانَتْ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ وَقَى شَرَّهَا، وَلَيْسَ فِيكُمْ مَنْ يُقْطَعُ إِلَيْهِ الْأَعْنَاقُ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ، إِنَّهُ كَانَ مِنْ خَيْرِنَا حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وإِنَّ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ وَمَنْ مَعَهُ تَخَلَّفُوا عَنْهُ فِي بَيْتِ فَاطِمَةَ، وَتَخَلَّفَتْ عَنَّا الْأَنْصَارُ بِأَسْرِهَا فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ، وَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَحِمَهُ الله، فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَانْطَلَقْنَا نَؤُمُّهُمْ، فَلَقِيَنَا رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ مِنَ الْأَنْصارِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا، فَقَالَا: أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ؟ قُلْنَا: نُرِيدُ إِخْوَانَنَا هَؤُلَاءِ مِنَ الْأَنْصارِ، قَالَا: فَارْجِعُوا فَاقْضُوا أَمْرَكُمْ بَيْنَكُمْ، قَالَ: قُلْتُ: فَاقْضُوا لَنَأْتِيَنَّهُمْ، فَأَتَيْنَاهُمْ فَإِذَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعَدَةَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ (٦) رَجُلٌ مُزَّمِّلٌ، قُلْتُ:


* [٣/ ٨٧ ب].
(١) الإحصان: التزويج. (انظر: النهاية، مادة: حصن).
(٢) البينة: الحجة الواضحة. (انظر: المعجم الوسيط، مادة: بين).
(٣) الإطراء: مجاوزة الحد في المدح، والكذب فيه. (انظر: النهاية، مادة: طرا).
(٤) في الأصل: "لا تطيروني كما طيرت"، والتصويب من المصادر السابقة.
(٥) الفلتة: الفجأة من غير روية، وقيل: خلسة وانتزاعًا. (انظر: النهاية، مادة: فلت).
(٦) في الأصل: "أظهركم"، والأصوب المثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>