للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَسَلَّمَ عُمَرُ فَرَدَّ عَلَيْهِ الْمُغِيرَة، ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَسِيرَ مَعَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا أَتَى عُمَرُ ضَيْعَتَهُ نَزَلَ عَنِ الْأَتَانِ وَأَخَذَ الْكِسَاءَ فَبَسَطَهُ وَاتَّكَأَ عَلَيْهِ، وَقَعَدَ الْمُغِيرَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَحَدَّثَه، ثُمَّ قَالَ الْمُغِيرَةُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّكِ وَاللَّهِ مَا تَدْرِي مَا قَدْرُ أَجَلِكَ، فَلَمَّا حَدَّدْتَ لِنَاسٍ حَدًّا، أَوْ عَلَّمْتَ لَهُمْ عَلَمًا يَبْهَتُونَ إِلَيْهِ، قَالَ: فَاسْتَوَى عُمَرُ جَالِسًا، ثُمَّ قَالَ: هِيهِ! اجْتَمَعْتُمْ، فَقُلْتُمْ: مَنْ تَرَوْنَ أَمِيرَ (١) الْمُؤْمِنِينَ مُسْتَخْلِفًا؟ فَقَالَ قَائِلٌ: عَلِيًّا، وَقَالَ قَائِل: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَإِنَّ فِيهِ خَلَفًا، قَالَ: فَلَا يَأْمَنُوا يُسْأَلُ عَنْهَا رَجُلَانِ مِنْ آلِ عُمَرَ، فَقُلْتُ: أَنَا لَا أَعْلَمُ لَكَ ذَلِكَ، قَالَ: قُلْتُ: فَاسْتَخْلِفْ، قَالَ: مَنْ؟ قُلْتُ: عُثْمَانَ، قَالَ: أَخْشَى عَقْدَهُ وَأَثَرَتَه، قَالَ: قُلْتُ: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، قَالَ: مُؤْمِنٌ ضَعِيفٌ، قَالَ: قُلْتُ: فَالزُّبَيْرَ، قَالَ: ضَرِسٌ، قَالَ: قُلْتُ: طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: رِضَاؤُهُ رِضَاءُ مُؤْمِنٍ وَغَضَبُهُ غَضَبُ كَافِرٍ، أَمَا إِنِّي لَوْ وَلَّيْتُهَا إِيَّاهُ لَجَعَلَ خَاتَمَهُ فِي يَدِ امْرَأَتِهِ، قَالَ: قُلْتُ: فَعَلِيٌّ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ أَحْرَاهُمْ إِنْ كَانَ أَنْ يُقِيمَهُمْ عَلَى سُنَّةِ نَبِيِّهِمْ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَدْ كُنَّا نَعِيبُ عَلَيْهِ مُزَاحَةً كَانَتْ فِيهِ.

° [١٠٦٢٩] عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقَالَتْ: عَلِمْتُ أَنَّ أَبَاكَ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ؟ قَالَ: قُلْتُ: مَا كَانَ لِيَفْعَلَ، قَالَتْ: إِنَّهُ فَاعِلٌ، قَالَ: فَحَلَفْتُ أَنْ أُكَلِّمَهُ فِي ذَلِكَ، فَسَكَتُّ حَتَّى غَدَوْتُ وَلَمْ أُكَلِّمْه، قَالَ: وَكُنْتُ كَأَنَّمَا أَحْمِلُ بِيَمِينِي جَبَلًا، حَتَّى رَجَعْتُ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَسَأَلَنِي عَنْ حَالِ الناسِ وَأَنَا أُخْبِرُه، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: إِنِّي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ مَقَالَةً فَآلَيْتُ (٢) أَنْ أَقُولَهَا لَكَ، زَعَمُوا أَنَّكَ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ، وإِنَّهُ لَوْ كَان لَكَ رَاعَي إِبِلٍ وَرَاعَي غَنَمٍ، ثُمَّ جَاءَكَ وَتَرَكَهَا رَأَيْتَ أَنْ قَدْ ضَيَّعَ؟ فَرِعَايَةُ النَّاسِ أَشَدُّ، قَالَ: فَوَافَقَهُ قوْلِي، فَوَضَعَ رَأْسَهُ سَاعَةً، ثُمَّ رَفَعَهُ إِلَيَّ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَحْفَظُ دِينَه، وإِنِّي (٣) إِنْ لَا أَسْتَخْلِفْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -


(١) قبله في الأصل: "يا"، وعدم إثباته أولى.
(٢) التألي: الحلف واليمين. (انظر: جامع الأصول) (٨/ ٤٠).
(٣) ليس في الأصل، واستدركناه من "مسند أحمد" (٣٣٨) من طريق عبد الرزاق، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>