للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْجَرَّاحِ وَهُوَ أَحَدُ بَنِي فِهْرٍ، وَأَمَّرَ عَلَى الْبَعْثِ الْاخَرِ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِي، فَانْتُدِبَ فِي بَعْثِ أَبِي عُبَيْدَةَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَر، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ خُرُوجِ الْبَعْثَيْنِ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، فَقَالَ لَهُمَا: "لَا تَعَاصَيَا"، فَلَمَّا فَصَلَا عَنِ الْمَدِينَةِ جَاءَ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَقَالَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِي: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَهِدَ إِلَيْنَا أَلأ نَتَعَاصَيَا، فَإِمَّا أَنْ تُطِيعَنِي وإِمَّا أَنْ أُطِيعَكَ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: بَلْ أَطِعْنِي، فَأَطَاعَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَكَانَ عَمْرٌو أَمِيرَ الْبَعْثَيْنِ كِلَيْهِمَا، فَوَجَدَ مِنْ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَجْدًا شَدِيدًا، فَكَلَّمَ أَبَا عُبَيْدَةَ، فَقَالَ: أَتُطِيعُ ابْنَ النَّابِغَةِ، وَتُؤَمِّرُهُ عَلَى نَفْسِكَ وَعَلَى أَبِي بكْرٍ وَعَلَيْنَا؟! مَا هَذَا الرَّأْيُ؟ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: ابْنَ أُمَّ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَهِدَ إِلَيَّ وإلَيْهِ أَلَّا نَتَعَاصَيَا، فَخَشِيتُ إِنْ لَمْ أُطِعْه، أَنْ أَعْصِيَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَشَكَا (١) إِلَيْهِ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((مَا أَنَا بِمُؤَمِّرِيهَا عَلَيكُمْ إِلَّا بَعْدَكُمْ" (٢)، يُرِيدُ الْمُهَاجِرِينَ.

وَكَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ تُسَمَّى ذَاتَ السَّلَاسِلِ، أُسِرَ فِيهَا نَاسٌ كَثِير مِنَ الْعَرَبِ وَسُبُوا، ثُمَّ أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بعْدَ ذَلِكَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ *، فَانْتَدَبَ فِي بَعْثِهِ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَبْلَ أَنْ يَصلَ ذَلِكَ الْبَعْث، فَأَنْفَذَهُ أَبُو بَكرٍ الصدِّيقُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ بَعَثَ أَبُو بَكْرٍ حِينَ وَلِيَ الْأَمْرَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثَلَاثَةَ أُمَرَاءَ إِلَى الشَّامِ، وَأَمَّرَ خَالِدَ بْنَ سَعِيدٍ عَلَى جُنْدٍ، وَأَمَّرَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَلَى جُنْدٍ، وَأَمَّرَ شُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ عَلَى جُنْدٍ، وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى جُنْدٍ قِبَلَ الْعِرَاقِ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ كَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ، فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهُ حَتَّى أَمَّرَ يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ وَجُنْدِهِ، وَذَلِكَ مِنْ مَوْجِدَةٍ وَجَدَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ


(١) قبله عند ابن عساكر في "التاريخ": "ويدخل بيني وبينه الناس، وإني والله لأطيعنه حتى أقفل، فلما قفلوا كلم عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وبه يتم سياق الكلام.
(٢) كذا في الأصل، وفي "التاريخ" لابن عساكر: "لن أؤمر عليكم بعد هذا إلا منكم".
* [٨/ ٣١٨ ب].

<<  <  ج: ص:  >  >>