للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَخْتَصِمَانِ فِيمَا أَفَاءَ (١) اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ، فَقَالَ الْقَوْمُ: اقْضِ بَيْنَهُمَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَرِحْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ، فَقَدْ طَالَتْ خُصومَتُهُمَا، فَقَالَ عُمَرُ: أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْض، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا نُورَث، مَا تَرَكنَا صَدَقَةٌ"؟ قَالُوا: قَدْ، قَالَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ لَهُمَا مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَا: نَعَمْ، قَالَ لَهُمْ: فَإِنِّي سَأُخْبِرُكُمْ عَنْ هَذَا الْفَيْءَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، خَصَّ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ بِشَيءٍ لَمْ يُعْطِهِ غَيْرَه، فَقَالَ {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ (٢) عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ (٣) وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} [الحشر: ٦]، فَكَانَتْ هَذِهِ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاصَّةً، ثُمَّ وَاللَّهِ مَا احْتَازَهَا (٤) دُونَكُمْ، وَلَا اسْتَأْثَرَهَا عَلَيْكُمْ، لَقَدْ قَسَّمَ وَاللَّهِ بَيْنَكُمْ، وَبَثَّهَا (٥) فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا الْمَال، فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهُ سَنَةً، قَالَ: وَرُبَّمَا قَالَ: وَيَحْبِسُ قُوتَ (٦) أَهْلِهِ مِنْهُ سَنَةً، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ مِنْهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ (٧) رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بعْدَه، أَعْمَلُ فِيهِ بِمَا كَانَ يَعْمَلُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَالْعَبَّاسٍ، فَقَالَ: وَأَنْتُمَا تَزْعُمَانِ أَنِّي فِيهَا ظَالِمٌ فَاجِرٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي فِيهَا صادِقٌ بَارٌّ تَابِعٌ لِلْحَقِّ، ثُمَّ وُلِّيتُهَا بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ سَنَتَيْنِ مِنْ إِمَارَتِي، فَعَمِلْتُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ، وَأَنْتُمَا تَزْعُمَانِ أَنِّي فِيهَا ظَالِمٌ فَاجِرٌ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي فِيهَا صَادِقٌ بَارٌّ تَابِعٌ لِلْحَقِّ (٨)، ثُمَّ جِئْتُمَانِي، جَاءَنِي هَذَا يَعْنِي الْعَبَّاسَ يَسْأَلُنِي مِيرَاثَهُ مِنِ ابْنِ أَخِيهِ،


(١) الفيء: ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد. (انظر: النهاية، مادة: فيأ).
(٢) أوجفتم: السير السريع. (انظر: غريب السجستاني) (ص ٨٣).
(٣) ركاب: هي الإبل خاصة. (انظر: التبيان في تفسير غريب القرآن) (ص ٣١٥).
(٤) الحوز: الجمع والقبض. (انظر: النهاية، مادة: حوز).
(٥) البث: التفريق. (انطر: المشارق) (١/ ٧٨).
(٦) القوت: ما يقوم به بدن الإنسان من الطعام. (انظر: الصحاح، مادة: قوت).
(٧) الولي: التابع المحب. (انظر: النهاية، مادة: ولا).
(٨) ليس في الأصل، وأثبتناه من "مستخرج أبي عوانة" (٦٦٦٨)، "صحيح ابن حبان" (٦٦٤٩)، "السنن الكبرى" للبيهقي (١٢٨٥٥)، جميعهم من طريق المصنف، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>