للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالنَّاسِ، فَلَمَّا فَرَغَ اجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْد، فَإِنِّي نَظَرْتُ فِي النَّاسِ، فَلَمْ أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ، فَلَا تَجْعَلْ يَا عَلِيُّ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلًا، ثُمَّ قَالَ: عَلَيْكَ يَا عُثْمَان، عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ وَذِمَّتُهُ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ تَعْمَلَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَبِمَا عَمِلَ بِهِ الْخَلِيفَتَانِ مِنْ بَعْدِهِ، قَالَ: نَعَمْ، فَمَسَحَ عَلَى يَدِهِ فَبَايَعَه، ثُمَّ بَايَعَهُ النَّاس، ثُمَّ بَايَعَهُ عَلِيّ ثُمَّ خَرَجَ، فَلَقِيَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: خُدِعْتَ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: أَوَخَدِيعَةٌ هِيَ؟ قَالَ: فَعَمِلَ بِعَمَلِ صَاحِبَيْهِ سِتًّا لَا يَخْرِمُ (١) شَيْئًا إِلَى سِتِّ سِنِينَ، ثُمَّ إِنَّ الشَّيْخَ رَقَّ وَضعُفَ فَغُلِبَ عَلَى أَمْرِهِ.

[١٠٦٤٥] قال الزُّهْرِيُّ: فَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ وَلَمْ نُجَرِّبْ عَلَيْهِ كِذْبَةَ قَطُّ، قَالَ: حِينَ قُتِلَ عُمَرُ: انْتَهَيْتُ إِلَى الْهُرْمُزَانِ وَجُفَيْنَةَ وَأَبِي لُؤْلُؤَةَ وَهُمْ نَجِيٌّ (٢)، فبَغَتُّهُمْ فَثَارُوا وَسَقَطَ مِنْ بَيْنِهِمْ خِنْجَرٌ لَهُ رَأْسَانِ، نِصَابُهُ فِي وَسَطِهِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَانْظُرُوا بِمَا قُتِلَ عُمَرُ؟ فَنَظَرُوا فَوَجَدُوهُ خِنْجَرًا عَلَى النَّعْتِ (٣) الَّذِي نَعَتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: فَخَرَجَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مُشْتَمِلًا عَلَى السَّيْفِ حَتَّى أَتَى الْهُزمُزَانَ، فَقَالَ: اصْحَبْنِي حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى فَرَسٍ لِي وَكَانَ الْهُرْمُزَانُ بَصيرًا بِالْخَيْلِ، فَخَرَجَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهِ، فَعَلَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بِالسَّيْفِ فَلَمَّا وَجَدَ حَرَّ السَّيْفِ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه، فَقَتَلَه، ثُمَّ أَتَى جُفَيْنَةَ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا فَدَعَاهُ فَلَمَّا أَشْرَفَ لَهُ عَلَاهُ بِالسَّيْفِ فَصُلِبَ بَيْنَ (٤) عَيْنَيْهِ، ثُمَّ أَتَى ابْنَةَ أبِي لُؤْلُؤَةَ - جَارِيَةً صَغِيرَة تَدَّعِي الْإِسْلَامَ - فَقَتَلَهَا، فَأَظْلَمَتِ الْمَدِينَةُ يَوْمَئِذٍ عَلَى أَهْلِهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ بِالسَّيْفِ صَلْتًا (٥) فِي يَدِهِ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَتْرُكُ فِي الْمَدِينَةِ سَبْيًا إِلَّا قَتَلْتُهُ وَغَيْرَهُمْ وَكَأَنَّهُ يُعَرِّضُ بِنَاسٍ مِنَ


(١) الخرم: الترك والنقص، وأصله: العدول عن الطريق. (انظر: المشارق) (١/ ٢٣٢).
(٢) النجي: المخاطب والمحدث. (انظر: النهاية، مادة: نجا).
(٣) النعت: وصف الشيء بما فيه. (انظر: النهاية، مادة: نعت).
(٤) ليس في الأصل، واستدركناه من "غريب الحديث" للخطابي (٢/ ١٦٣) من حديث الدبري، عن عبد الرزاق، به.
(٥) الصلت: السيف مُجردا عن غمده. (انظر: النهاية، مادة: صلت).

<<  <  ج: ص:  >  >>