للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَغَلَفْنَهَا مِنْ طِيبِهِنَّ وَحُلِيِّهِنَّ، ثُمَّ إِنَّ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - دخَلَ، فَلَمَّا رَآهُ النِّسَاءُ ذَهَبْنَ وَبَيْنَهُنَّ وَبَينَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سُتْرةٌ، وَتَخَلَّفَتْ أَسْمَاءُ ابْنَةُ عُمَيسٍ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "كَمَا أَنْتِ (١)، عَلَى رِسْلِكِ، مَنْ أَنْتِ؟ " قَالَتْ: أَنَا الَّتِي أَحْرُسُ ابْنَتَكَ، فَإِنَّ الْفَتَاةَ لَيْلَةَ يُبْنَى بِهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنِ امْرَأَةٍ تَكُونُ قَرِيبًا مِنْهَا، إِنْ عَرَضَتْ لَهَا حَاجَةٌ، وإِنْ أَرَادَتْ شَيْئًا أَفْضَتْ بِذَلِكَ إِلَيْهَا، قَالَ: "فإِنِّي أَسْأَلُ إِلَهِي أَنْ يَحْرُسَكِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْكِ، وَمِنْ خَلْفِكِ، وَعَنْ يَمِينِكِ، وَعَنْ شِمَالِكِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ"، ثُمَّ صَرَخَ بِفَاطِمَةَ فَأَقْبَلَتْ، فَلَمَّا رَأَتْ عَلِيًّا جَالِسًا إِلَى جَنْبِ النَّبِى - صلى الله عليه وسلم - خَفَرَتْ وَبَكَتْ، فَأَشْفَقَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَكُونَ بُكَاؤُهَا لِأَنَّ عَلِيًّا لَا مَالَ لَه، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا يُبْكِيكِ؟ فَمَا ألَوْتُكِ فِي نَفْسِي، وَقَدْ طَلَبْتُ لَكِ خَيْرَ أَهْلِي، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ زَوَّجْتُكِهِ سَعِيدًا فِي الدُّنْيَا، وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ" فَلَانَ مِنْهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ائْتينِي بِالْمِخْضَبِ فَأمْلَئِيهِ مَاء" فَأَتَتْ أَسْمَاءُ بِالْمِخْضَبِ، فَمَلأَتْهُ مَاءً، ثُمَّ مَجَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهِ وَغَسَلَ فِيهِ قَدَمَيْهِ وَوَجْهَه، ثُمَّ دَعَا فَاطِمَةَ فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَضَرَبَ بِهِ عَلَى رَأْسِهَا، وَكَفًّا بَيْنَ ثَدْيَيْهَا، ثُمَّ رَشَّ جِلْدَهُ وَجِلْدَهَا، ثُمَّ الْتَزَمَهُمَا، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنَّهُمَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمَا، اللَّهُمَّ كَمَا أَذْهَبْتَ عَنِّي الرِّجْسَ (٢) وَطَهَّرْتَنِي فَطَهَّرْهُمَا"، ثُمَّ دَعَا بِمِخْضَبٍ آخَرَ، ثُمَّ دَعَا عَلِيًّا فَصَنَعَ بِهِ كَمَا صَنَع بِهَا، وَدَعَا لَهُ كَمَا دَعَا لَهَا، ثُمَّ قَالَ: "أَنْ قُومًا إِلَى بَيْتِكُمَا، جَمَعَ اللهُ بَيْنَكُمَا، وَبَارَكَ فِي سِرِّكُمَا وَأَصْلَحَ بَالَكُمَا"، ثُمَّ قَامَ فَأَغْلَقَ عَلَيْهِمَا بَابَهُ بِيَدِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَخْبَرَتْنِي أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ أَنَّهَا رَمَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمْ يَزَلْ يَدْعُو لَهُمَا خَاصَّةً لَا يَشْرَكُهُمَا فِي دُعَائِهِ أَحَدٌ حَتَّى تَوَارَى فِي حُجَرِهِ.

° [١٠٦٥٧] عبد الرزاق، عَنْ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ، قَالَتْ لِلنَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: زَوَّجْتَنِيهِ أُعَيْمِشَ، عَظِيمَ الْبَطْنِ؟! فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَقَدْ زَوَّجْتُكِهِ وإِنَّهُ لأَوَّلُ أَصْحَابِي سِلْمًا، وَأكثَرُهُمْ عِلْمًا، وَأَعْظَمُهُمْ حِلْمًا".


(١) قوله: "كما أنت" في الأصل: "كانت"، والتصويب من المصدر السابق (٢٤/ ١٣٢).
(٢) الرجس: القذَر، وقد يعبر به عن الحرام والفعل القبيح. (انظر: النهاية، مادة: رجس).

<<  <  ج: ص:  >  >>