للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفَجِّ (١) رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ: فَاطَّلَعَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْأَنْصَارِ تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وَضُوئِهِ، قَدْ عَلَّقَ نَعْلَيهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ فَسَلَّمَ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَ ذَلِكَ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ الْمَرَّةِ الْأُولَى، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِث، قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضًا، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الْأَوَّلِ، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - تَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي، فَقَالَ: إِنِّي لَاحَيْتُ (٢) أَبَتِي، فَأَقْسَمَتْ أَلَّا أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي (٣) إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضيَ الثَّلَاثُ فَعَلْتَ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ أَنَسٌ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَّ انْقَلَبَ عَلَى فِرَاشِهِ، ذَكَرَ اللَّهَ وَكَبَّرَ، حَتَّى يَقُومَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إِلَّا خَيْرًا، فَلَمَّا مَضَتِ الثَّلَاثُ، وَكِدْتُ أَحْتَقِرَ عَمَلَه، قُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ وَالِدِي هِجْرَةٌ وَلَا غَضَبٌ، وَلكنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: "يَطْلُعُ الآنَ عَلَيْكُمْ * رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ"، فَاطَّلَعْتُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَأَرَدْتُ (٤) أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ لِأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ، فَأَقْتَدِيَ بِكَ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَبِيرَ عَمَلٍ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - *؟ قَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، قَالَ: فَانْصَرَفْتُ عَنْه، فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا، وَلَا أَحْسُدُهُ عَلَى مَا أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ (٥)، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ.


(١) الفج: الطريق الواسع، والجمع: فجاج. (انظر: النهاية، مادة: فجج).
(٢) تصحف في (ف) إلى: "لأحب"، والتصويب من (س)، "مسند أحمد" (١٢٨٩٤)، "المنتخب من مسند عبد بن حميد" (١١٥٩)، كلاهما عن المصنف، به.
الملاحاة، والتلاحي: الخصومة، والجدال، والمنازعة. (انظر: النهاية، مادة: لحا).
(٣) الإيواء: ضم الغير إلى منزل أحدهم كمأوى له. (انظر: النهاية، مادة: أوي).
* [س/٣٤٥].
(٤) تصحف في (ف) إلى: "فما زدت"، والتصويب من المصدرين السابقين.
* [ف/١٦٧ أ].
(٥) بعده في (ف): "إليه"، وفي (س): "أعطاه الله إليه"، والمثبت كما في المصدرين السابقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>