للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٢١٨٠٩] أخبرنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ جِيلٍ (١)، عَنْ أَبِي كَعْبٍ الْحَارِثِيِّ وَهُوَ ذُو الْإِدَاوَةِ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: خَرَجْتُ فِي طَلَبِ إِبِلٍ لِي ضَوَالَّ، فَتَزَوَّدْتُ لَبَنًا فِي إِدَاوَةٍ، قَالَ: ثُمَّ قُلْتُ فِي نَفْسِي: مَا أَنْصَفْت، فَأَيْنَ الْوَضُوء، فَأَهْرَقْتُ اللَّبَنَ وَمَلأْتُهَا مَاءً، فَقُلْتُ: هَذَا وَضُوءٌ وَهَذَا شَرَابٌ، قَالَ: فَلَبِثْتُ أَبْغِي إِبِلِي، فَإِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَتَوَضَّأَ اصْطَبَبْتُ مِنَ الْإِدَاوَةِ مَاءً فَتَوَضَّأْت، وإِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَشْرَبَ (*) اصْطَبَبْتُ لَبَنًا فَشَرِبْتُه، فَمَكَثْتُ بِذَلِكَ ثَلَاثًا، قَالَ: فَقَالَتْ لَهُ أَسْمَاءُ النَّجْرَانِيَّةُ: يَا أَبَا كَعْبٍ، أَحَقِينًا كَانَ أَمْ حَلِيبًا؟ قَالَ: قُلْتُ: إِنَّكِ لَبَطَّالَةٌ، كَانَ يَعْصِمُ مِنَ الْجُوعِ وَيَرْوي مِنَ الظَّمَأِ، أَمَا إِنِّي حَدَّثْتُ بِهَذَا نَفَرًا مِنْ قَوْمِي فِيهِمْ عَلِيُّ بْنُ الْحَارِثِ سَيِّدُ بَنِي فَنَّانٍ، فَقَالَ: مَا أَظُنُّ الَّذِي تَقُولُ كَمَا تَقُول، قَالَ: قُلْتُ: اللهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ، قَالَ: فَرَجَحْتُ إِلَى مَنْزِلِي فَبِتُّ لَيْلَتِي تِلْكَ، قَالَ: فَإِذَا أَنَا بِهِ صَلَاةَ الصُّبْحِ إِلَى بَابِي فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ الله، لِمَ تَعَنَّيْتَ إِلَيَّ، أَلَا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَكَ؟ قَالَ: لَا، أَنَا أَحَقُّ بِذَلِكَ أَنْ آتِيَكَ، مَا نِمْتُ اللَّيْلَةَ إِلَّا أَتَانِي آتٍ، فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي تُكَذِّبُ مَنْ يُحَدِّثُ بِأَنْعُمِ اللهِ، قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَأَتَيْتُ عُثْمَانَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ شَيءٍ مِنْ أَمْرِ دِينِي، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ وإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ أَشْيَاءَ، فَأْمُز حَاجِبَكَ أَلَّا يَحْجُبَنِي، قَالَ: يَا وَثَّاب، إِذَا جَاءَكَ هَذَا الْحَارِثيُّ فَأْذَنْ لَه، قَالَ: فَكُنْتُ إِذَا جِئْتُ فَقَرَعْتُ الْبَابَ، قَالَ: مَنْ ذَا؟ قَالَ: الْحَارِثِيُّ فَيَأْذَنُ لِي، قَالَ: ادْخُلْ، قَالَ: فَدَخَلْتُ فَإِذَا عُثْمَانُ جَالِسٌ وَحَوْلَهُ نَفَرٌ سُكُوتٌ لَا يَتَكَلَّمُونَ، كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرَ (٢)، قَالَ: فَسَلَّمْت، ثُمَّ جَلَسْتُ وَلَمْ أَسْأَلْهُ عَنْ شَيْءٍ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِمْ، قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ جَاءَ نَفَرٌ، فَقَالُوا: أَبَى أَنْ يَجِيءَ،


(١) في (س): "جبل"، والمثبت من (ف).
(*) [ف/ ١٨٢ ب].
(٢) على رءوسهم الطير: وصفهم بالسكون والوقار، وأنهم لم يكن فيهم طيش ولا خفة، لأن الطير لا تكاد تقع إلا على شيء ساكن. (انظر: النهاية، مادة: طير).

<<  <  ج: ص:  >  >>