ثانيًا: إن المخطوط مزور، وليس من كتابات القرن العاشر - وإن كُتب عليه ذلك وجاهد الحميري لتثبيته - فمن الواضح للعارف أن كاتبه خطاط معاصر هندي، وخطه من جنس خطوط الطبعات الحجرية في القرن الماضي في الهند، وطريقة كتابة الحروف تؤكد ذلك، مثل الياء آخر الكلمة (مثل كلمة الزهري)، وكلمة (الطاؤس)، و (الملئكة)، هذا في الصفحة الأولى التي أوردها الحميري (ص ١٨). وفي الصفحة الأخيرة التي أوردها الحميري (ص ٢٢) تلاحظ كتابة الهاء آخر الكلمة (مثل: مثله، الآية، عليه)، والحاء المقطوعة آخر (نجيح)، والغين المقطوعة آخر (الفراغ)، وهذه هي الطريقة الشائعة في الكتابة عند الهنود.
هذا ما كنتُ سطّرتُه في كتابتي الأولى، أما الآن فقد تبين أن المخطوط حديث النسخ، أفاد الشيخ الكمداني أنه رآه بورق حديث وخط طري! وأنه لما طولب واضعه الهندي بأصل نسخته أفاد أنه استنسخها من مكتبة بالاتحاد السوفيتي، وأنها احترقت! فبطل أمر المخطوط أصلًا، وبان كذب ما جاء فيها أنها نُسخت سنة ٩٣٣ هـ في بغداد!!
ثالثًا: أما إتقان الناسخ فادعاء غير صحيح، ولا يصدَّق الحميري في زعمه ونقله بشكل عام؛ وفي هذا خصوصًا، وأمامنا من نسخته - التي زعمها متقنة - صفحتان مصورتان فقط، وأربعون حديثًا هي عدد أحاديث المطبوع، وبغض النظر عن مسألة الكذب نجد في الحديث الأول أنه أخطأ في اسم الصحابي الشهير السائب بن يزيد - رضي الله عنه -، فكتبه: ابن زيد، وفي الحديث الثاني قال ابن جريج (من أتباع التابعين): أخبرني البراء الصحابي! فأين الإتقان وهذه البداية؟
رابعًا: ومما يدل على عدم الثقة في النسخة أنه لا سند لها ولا سماعات عليها، بخلاف المفترض لكتاب كهذا، مع أن الناسخ لما كتب الكتاب كتبه على الطريقة التي ينبغي فيها وجود سند؛ لأنه يقول عند كل حديث: عبد الرزاق، عن فلان وفلان، ولو كان نسخًا مجردًا للكتاب لما احتاج أن يذكر عبد الرزاق في كل إسناد.