شهادتهن؟ قال: نعم، تجوز شهادتهن في الحقوق، ذكرها القاضي مستشهدًا بقبول الشهادة حال الضرورة.
وظاهر هذه: أنه تقبل شهادة النساء منفردات في الوصية مطلقا، كما تقبل شهادة الكفار، وهذا يؤيد ما ذكرته، يعني ما تقدم من أنها تقبل في السفر والحضر إذا لم يكن ثم مسلم.
وفي موضع آخر قال ــ يعني القاضي ــ: نقلت من خط أبي حفص عن سندي القزاز قال: وسئل عن الرجل يوصي بأشياء لأقاربه ويُعتِق ولا يحضره إلا النساء، هل تجوز شهادتهن في الحقوق؟ يحتمل أنها تقبل مع يمين الموصى له، كأحد الزوجين.
ويتوجه أن يكون ذلك فيما ليس له منكر، فإن الشهادة على الميت ليست كالشهادة على الحي، فإنه إما أن يقر أو يجحد، فإن جحد كان جحده معارضا لأحدهما، وسلم الآخر، بخلاف مالا معارض له، ولهذا قلنا: إن الإمام لا يرجع حتى يسبح به اثنان في الصلاة، وهذا فرق معنوي.
وقال أيضا: قول الإمام أحمد: «أقبل شهادتهم إذا كانوا في سفر ليس فيه غيرهم، هذه ضرورة» فيقتضى عمومه: أنها لا تقبل في السفر على كل شيء عند عدم المسلمين، فتقبل على الإقرار، وعلى نفس الموت لأجل انتقال الإرث، وزوال النكاح، وعلى القتال، وعلى غير ذلك، وهذا هو القياس الجلي، فإنها إذا قبلت على الوصية فلأن تقبل على الموت أولى وأحرى، وليس في الوصية معنى إلا وقد يوجد في غيرها مثله، أو أقوى، أو قريب، ولذلك قلنا: شهادتهم في إحدى الروايتين بالنسب والولادة في مسألة الحميل، إذ ليس هناك من يعلم النسب من المسلمين.