للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: وقوله: «هذه ضرورة» يقتضى هذا التعليل قبولها في كل ضرورة، حضرًا وسفرًا، وعلى هذا: فشهادة بعضهم على بعض ضرورة، فلو قيل: إنهم يحلفون في شهادة بعضهم على بعض، كما يحلفون في شهادتهم على المسلمين وأصحابهم في وصية السفر لكان متوجهًا، ولو قيل: بقبول شهادتهم مع أيمانهم في كل شيء عُدم فيه المسلمون لكان له وجه، وتكون شهادتهم بدلًا مطلقا.

يؤيد ما ذكرته: ما ذكره القاضي وغيره محتجا به ــ وهو في «الناسخ والمنسوخ» لأبي عبيد أن رجلا من المسلمين خرج، فمر بقرية، فمرض ومعه رجلان من المسلمين، فدفع إليهما ماله، ثم قال: ادعوا لي من أشهده على ما قبضتماه، فلم يجدوا أحدا من المسلمين في تلك القرية، فدعوا أناسا من اليهود والنصارى، فأشهدهم على ما دفع إليهما ... وذكر القصة، فانطلقوا إلى ابن مسعود، فأمر اليهود أن يحلفوا بالله: لقد ترك من المال كذا، ولشهادتنا أحق من شهادة هذين المسلمين، ثم أمر أهل المتوفى أن يحلفوا: أن شهادة اليهود والنصارى حق، فحلفوا، فأمرهم ابن مسعود أن يأخذوا من المسلمين ما شهدت به اليهود والنصارى، وكان ذلك في خلافة عثمان - رضي الله عنه -.

قال أبو العباس: فهذه شهادة الميت على وصيته، قد قضى بها ابن مسعود مع يمين الورثة، لأنهم المدعون، والشهادة على الميت لا تفتقر إلى يمين الورثة، ولعل ابن مسعود أخذ هذا من جهة أن الورثة يستحقون بأيمانهم على الشاهدين إذا استحقا إثما، فلذلك يستحقون على الوصيين بشهادة الذميين بطريق الأولى، وهذا يؤيد ما ذكرته باطنها. انتهى كلامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>