للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خروج الحقوق عن أصحابها منكر، وإزالة المنكر واجبة بحسب الطاقة، فكيف إذا كان يزول بمجرد البيان والدلالة، وإذا كان البيان والدلالة واجبا عوقب على تركه بالحبس والضرب، وكذلك لو كان يعلم موضع من عليه حق لله أو لآدمي وهو يريد استيفاءه من غير ظلم، فإن الدلالة على النفوس الظالمة للمظلوم كالدلالة على المال لصاحبه، فأما من آوى محدثا وكتمه فإن هذا يعاقب بالضرب والحبس بمنزلة كاتم المال وأولى، فإن كتمان النفس ككتمان المال، والدلالة عليها من غير الكاتم كالدلالة على المال.

وهذا كله إذا ظهر معرفة المسؤول عن النفس المستحقة والمال المستحق، إما بإقراره وإما ببينة، فأما إذا اتهم بذلك فهنا يحبس كما يحبس في التهمة بنفس الحق، وأما ضربه فهو كالمتهم.

وأصل هذا أن الحق كما يكون عينا من الأموال فقد يكون منفعة على البدن، كالمنافع المستحقة بعقد الإجارة، والحقوق الواجبة عينا أو منفعة إما أن تجب بالشرط، وإما أن تجب بالشرع، فكما أنا نعاقب من امتنع عن النفقة الواجبة شرعا، كذلك نعاقب من امتنع عن المنفعة الواجبة شرعا، ومن أعظم المنافع بيان الحقوق ومواضعها من النفوس والأموال.

والممتنع عن البيان ممتنع عن منفعة واجبة عليه شرعا، متعينة عليه، فيعاقب عليها ولو لم تتعين عليه بأن كان العالمون عددًا، فهنا إذا امتنعوا كلهم عوقبوا أو بعضهم لكن عقوبة بعضهم ابتداءً عند امتناعه يخرج على البيان، هل هو واجب على الكفاية أو الأعيان كالشهادة؟ والمنصوص أنه واجب بالشرع على الأعيان، وكما يعاقب الرجل على شهادة الزور يعاقب على كتمان الشهادة. انتهى كلامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>