للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنا لعم حيى بن أخطب حتى يعين موضع المال، ولو كان المال بيد وكيله أو غيره وامتنع من تبيين محله لعزر بالحبس والضرب حتى يبينه كالمالك، لأنه حق تعين عليه، فلو علم بالمال من ليس بولي ولا وكيل بأن يقر بعض الناس بأني أعرف من المال عنده أو تقوم البينة بأن فلانا كان حاضرا إقباض المال ونحو ذلك، فإن هذا يجب عليه بيان موضع المال، لأن ذلك المال فيه حق للطالب، إما أن يكون مستحقا للاستيفاء منه، ولقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: ٢]، ولا يمكن إيصاله إليه إلا ببيان هذا ودلالته، ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فهو كالشاهد الذي يجب عليه أداء الشهادة، ولأن إعانة المسلم على حقن دمه وماله واجب، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه»، وقال عليه الصلاة والسلام: «أنصر أخاك ظالما أو مظلوما»، ونصر الظالم دفعه، وفي الدلالة نصر الاثنين، ولأن هذا بذل منفعة لا ضرر فيها في حفظ مال المسلم، وهذا من أوجب الأشياء كالقضاء والشهادة، لا سيما على أصلنا في إيجاب بذل المنافع مجانا ــ على أحد الوجهين ــ، وكما يجب للجار منفعة الجدار، ومنفعة إمرار الماء ــ على إحدى الروايتين ــ.

بل قد نوجب دفع الغير عن دمه وماله إذا رأى نفسه أو ماله يتلف وهو قادر على تخليصه، وقد أوجب القاضي وأبو الخطاب ضمان النفس على من قدر على تخليصها من هلكة فلم يفعل، كما يضمن من لم يؤد الواجب من إطعامها وسقيها، وفرق بعض الأصحاب بأن سبب الهلاك هناك فعل الغير، وهنا منع الطعام، وأما تضمين من ترك تخليص المال ففيه نظر.

وأيضا فإن ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>