فأما القسم الثاني فلا ريب أنه لا يجوز على أصل أحمد أن يؤاجر أو يبايع إذا غلب على الظن أنه يفعل ذلك، كالمسلم وأولى.
وأما القسم الأول فعلى ما قاله ابن أبي موسى: يكره ولا يحرم، لأنا قد أقررناه على ذلك، وإعانته على سكنى هذه الدار كإعانته على سكنى دار الإسلام، فلو كان هذا من الإعانة المحرمة لما جاز إقراره بالجزية، وإنما كره ذلك لأنه إعانة من غير مصلحة، لإمكان بيعها من مسلم، بخلاف الإقرار بالجزية، فإنه جاز لأجل المصلحة.
وعلى ما قاله القاضي: لا يجوز، لأنه إعانة على ما يستعين به على المعصية من غير مصلحة تقابل هذه المفسدة، فلم يجز، بخلاف إسكانهم دار الإسلام فإن فيه من المصالح ما هو مذكور في فوائد إقرارهم بالجزية) [أحكام أهل الذمة ١/ ٢٨٦ - ٢٩٠].
- وقال ابن مفلح: (قال الخلال - رحمه الله -: باب الرجل يؤاجر داره للذمي أو يبيعها منه ... قال الخلال: وقد أخبرني أحمد بن الحسين بن حسان قال: سئل أبو عبد الله عن حصين بن عبد الرحمن، فقال: روى عنه حفص، لا أعرفه, قال له أبو بكر: هذا من النساك، حدثني أبو سعيد الأشج، سمعت أبا خالد الأحمر يقول: حفص هذا باع دار حصين بن عبد الرحمن عابد أهل الكوفة من عون البصري، فقال له أحمد: حفص؟ قال: نعم، فعجب أحمد، يعني من حفص بن غياث.
قال الخلال: وهذا تقوية لمذهب أبي عبد الله، فإذا كان يكره بيعها من فاسق فكذلك من كافر، وأن الذمي يقر، وأن الفاسق لا يقر، لكن ما يفعله الذمي فيها أعظم. انتهى كلامه.