للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القطع أو مطلقا، وجعل موجب العقد القطع، وحرم بيعه بشرط التبقية أو مطلقًا= لم يكن عنده لظهور الصلاح فائدة، ولم يكن فرق بين ما نهي عنه من ذلك وما أذن فيه، فإنه يقول: موجب العقد التسليم في الحال، فلا يجوز شرط تأخيره، سواء بدا صلاحه أو لم يبد.

والصواب: قول الجمهور، الذي دلت عليه سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والقياس الصحيح.

وقوله: إن موجب العقد التسليم في الحال= جوابه: أن موجب العقد: إما أن يكون ما أوجبه الشارع بالعقد، أو ما أوجبه المتعاقدان، مما يسوغ لهما أن يوجباه، وكلاهما منتف في هذه الدعوى، فلا الشارع أوجب أن يكون كل مبيع مستحق التسليم عقيب العقد، ولا العاقدان التزاما ذلك.

بل تارة يعقدان العقد على هذا الوجه، وتارة يشترطان التأخير: إما في الثمن، وإما في المثمن، وقد يكون للبائع غرض صحيح ومصلحة في تأخير التسليم للمبيع، كما كان لجابر - رضي الله عنه - غرض صحيح، في تأخير تسليم بعيره إلى المدينة، فكيف يمنعه الشارع ما فيه مصلحة له، ولا ضرر على الآخر فيها؟ إذ قد رضي بها كما رضي - صلى الله عليه وسلم - على جابر بتأخير تسليم البعير، ولو لم ترد السنة بهذا لكان محض القياس يقتضي جوازه.

ويجوز لكل بائع أن يستثني من منفعة المبيع ما له فيه غرض صحيح، كما إذا باع عقارا واستثنى سكناه مدة، أو دابة واستثنى ظهرها، ولا يختص ذلك بالبيع، بل لو وهبه واستثنى نفعه مدة، أو أعتق عبده واستثنى خدمته مدة، أو وقف عينا واستثنى غلتها لنفسه مدة حياته، أو كاتب أمة واستثنى وطأها مدة الكتابة، ونحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>