للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا كله منصوص أحمد، وبعض أصحابه يقول: إذا استثنى منفعة المبيع فلا بد أن يسلم العين إلى المشتري، ثم يأخذها ليستوفي المنفعة، بناء على هذا الأصل الذي قد تبين فساده، وهو أنه لا بد من استحقاق القبض عقيب العقد.

وعن هذا الأصل قالوا: لا تصح الإجارة إلا على مدة تلي العقد، وعلى هذا بنوا ما إذا باع العين المؤجرة: فمنهم من أبطل البيع، لكون المنفعة لا تدخل في البيع، فلا يحصل التسليم، ومنهم من قال: هذا مستثنى بالشرع، بخلاف المستثنى بالشرط، وقد اتفق الأئمة على صحة بيع الأمة المزوجة، وإن كانت منفعة البضع للزوج، ولم تدخل في البيع، واتفقوا على جواز تأخير التسليم إذا كان العرف يقتضيه، كما إذا باع مخزنا له فيه متاع كثير، لا ينقل في يوم ولا أيام فلا يجب عليه جمع دواب البلد، ونقله في ساعة واحدة، بل قالوا: هذا مستثنى بالعرف، فيقال: وهذا من أقوى الحجج عليكم، فإن المستثنى بالشرط أقوى من المستثنى بالعرف، كما أنه أوسع من المستثنى بالشرع، فإنه يثبت بالشرط مالا يثبت بالشرع، كما أن الواجب بالنذر أوسع من الواجب بالشرع.

وأيضًا، فقولكم: إن موجب العقد استحقاق التسليم عقيبه= أتعنون أن هذا موجب العقد المطلق، أو مطلق العقد؟ فإن أردتم الأول: فصحيح، وإن أردتم الثاني: فممنوع، فإن مطلق العقد ينقسم إلى المطلق والمقيد، وموجب العقد المقيد ما قيد به، كما أن موجب العقد المقيد بتأجيل الثمن وثبوت خيار الشرط والرهن والضمين= هو ما قيد به، وإن كان موجبه عند إطلاقه خلاف ذلك، فموجب العقد المطلق شيء، وموجب العقد المقيد شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>