على هذا الوجه، ولا تتميز اللقطة المبيعة عن غيرها، ولا تقوم المصلحة ببيعها كذلك، ولو كلف الناس به لكان أشق شيء عليهم، وأعظمه ضررا، والشريعة لا تأتي به، وقد تقدم أن ما لا يباع إلا على وجه واحد لا ينهى الشارع عن بيعه، وإنما نهى الشارع عن بيع الثمار قبل بدو الصلاح لإمكان تأخير بيعها إلى وقت بدو الصلاح.
ونظير ما نهى عنه وأذن فيه، سوى بيع المقاثي إذا بدا الصلاح فيها، ودخول الأجزاء والأعيان التي لم تخلق بعد كدخول أجزاء الثمار، وما يتلاحق في الشجر منها، ولا فرق بينهما البتة.
فصل
وبنوا على هذا الأصل الذي لم يدل عليه دليل شرعي، بل دل على خلافه ــ وهو: بيع المعدوم ــ= ضمان الحدائق والبساتين، وقالوا: هو بيع للثمر قبل ظهوره، أو قبل بدو صلاحه، ثم منهم من حكى الإجماع على بطلانه، وليس مع المانعين كما ظنوه، فلا النص يتناوله ولا معناه، ولم تجمع الأمة على بطلانه، فلا نص مع المانعين ولا قياس ولا إجماع، ونحن نبين انتفاء هذه الأمور الثلاثة:
أما الإجماع: فقد صحَّ عن عمر بن الخطاب أنه ضمن حديقة أسيد بن حضير ثلاث سنين، وتسلف الضمان، فقضى به دينا كان على أسيد، وهذا بمشهد من الصحابة، ولم ينكره منهم رجل واحد، ومن جعل مثل هذا إجماعا، فقد أجمع الصحابة على جواز ذلك، وأقل درجاته: أن يكون قول صحابي، بل: قول الخليفة الراشد، ولم ينكره منهم منكر، وهذا حجة عند جمهور العلماء.