للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تابوا قبل القدرة عليهم سقطت عنهم حدود الله كما تسقط عن الكفار الممتنعين إذا أسلموا قبل القدرة عليهم، وهل يعاقبون بحدود الآدميين، مثل أن يقتل أحدهم قصاصا؟ فيه قولان للعلماء، قيل: يؤخذون بحقوق الآدميين، كالقود؛ وقيل: لا يؤخذون، وما كان معهم من أموال الناس يؤخذ بلا نزاع، وما أتلفوه هل يضمنونه مع العقوبات البدنية؟ فيه نزاع، كالسارق فإنه إذا وجد معه المال أخذ سواء قطعت يده أو لم تقطع، وإن كان قد أتلفه فهل يغرم مع القطع؟ على ثلاثة أقوال، قيل: يغرم كقول الشافعي وأحمد؛ وقيل: لا يغرم كقول أبي حنيفة؛ وقيل: يغرم مع اليسار دون الإعسار كقول مالك.

والمقصود هنا أن قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] دل به على أن المحاربين لا يرثون المسلمين ولا يعطون ديتهم فإنهم كفار، والكفار لا يرثون المسلمين.

وقد قيل: إن هذا فيمن أسلم ولم يهاجر، فتثبت في حقه العصمة المورثة دون المضمنة، كما يقول ذلك أبو حنيفة وغيره.

وقيل: بل فيمن ظنه القاتل كافرا وكان مأمورا بقتله، فسقطت عنه الدية لذلك، كما يقوله الشافعي وأحمد في أحد القولين.

وهؤلاء يخصون الآية بمن ظاهره الإسلام، وأولئك يخصونها بمن أسلم ولم يهاجر، والآية في المؤمن إذا قتل وهو من قوم عدو لنا، وهو سبحانه قال: {عَدُوٍّ لَكُمْ} ولم يقل: من عدوكم، فدل على أن القتل إذا كان خطأ ــ كمن رمى عرضا فأصاب مسلما ــ فإنه لا دية فيه وإن علم أنه مسلم،

<<  <  ج: ص:  >  >>