والتي قبلها، وهذا هو الذي ذكره القاضي في «خلافه»، وعليه أكثر الأصحاب، ثم طريقته وطريقة جماعة في ذلك أن ما أظهراه زيادة في المهر، والزيادة فيه بعد لزومه لازمة، وعلى هذا: فلو كان السر هو الأكثر أخذ به أيضا، وهو معنى قول الإمام أحمد: آخذ بالعلانية، أي: يؤخذ بالأكثر.
ولهذا القول طريقة ثانية: وهو أن نكاح السر إنما يصح، إذا لم يكتموه، على إحدى الروايتين، بل أنصّهما، فإذا تواصوا بكتمان النكاح الأول كانت العبرة إنما هي بالنكاح الثاني.
فقد تحرر أن الأصحاب مختلفون: هل يؤخذ بصداق العلانية ظاهرًا وباطنًا، أو ظاهرا فقط؟ فيما إذا كان السر تواطؤا من غير عقد، وإن كان السر عقدًا فهل هي كالتي قبلها، أو يؤخذ هنا بالسر في الباطن بلا تردد؟ على وجهين:
فمن قال: إنه يؤخذ به ظاهرًا فقط، وأنهم في الباطن لا ينبغي لهم أن يأخذوا إلا بما اتفقوا عليه لم يرد نقضا، وهذا قول له شواهد كثيرة.
ومن قال: إنه يؤخذ به ظاهرًا وباطنا، بنى ذلك على أن المهر من توابع النكاح وصفاته، فيكون ذكره سمعة كذكره هزلًا، والنكاح جده وهزله سواء، فكذلك ذكر ما هو فيه، يحقق ذلك: أن حل البضع مشروط بالشهادة على العقد، والشهادة وقعت على ما أظهره، فيكون وجوب المشهود به شرطا في الحل.
هذا كلام شيخ الاسلام في مسألة مهر السر والعلانية، في كتاب «إبطال التحليل»، نقلته بلفظه.