للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

آخر، ألا ترى أنه قال: آخذ بالعلانية، لأنه قد أشهد على نفسه؟ وينبغي لهم أن يفوا بما كان أسره، فقوله: لأنه قد أشهد على نفسه، دليل على أنه: إنما يلزمه في الحكم فقط، وإلا فما يجب بينه وبين الله لا يعلل بالإشهاد.

وكذلك قوله: «ينبغي لهم أن يفوا له، وأما هو فيؤخذ بالعلانية» دليل على أنه يحكم عليه به، وأن أولئك يجب عليهم الوفاء، وقوله «ينبغي» يستعمل في الواجب أكثر مما يستعمل في المستحب.

ويدل على ذلك: أنه قد قال أيضا ــ في امرأة تزوجت في العلانية على ألف، وفي السر على خمسمائة، فاختلفوا في ذلك -: فإن كانت البينة في السر والعلانية سواء أخذ بالعلانية، لأنه أحوط، وهو فرج يؤخذ بالأكثر.

وقيدت المسألة بأنهم اختلفوا، وأن كليهما قامت به بينة عادلة، وإنما يظهر ذلك بالكلام في الصورة الثانية، وهو:

ما إذا تزوجها في السر بألف، ثم تزوجها في العلانية بألفين، مع بقاء النكاح الأول، فهنا قال القاضي في «المجرد» و «الجامع»: إن تصادقا على نكاح السر لزم نكاح السر بمهر السر، لأن النكاح المتقدم قد صح ولزم، والنكاح المتأخر عنه لا يتعلق به حكم، ويحمل مطلق كلام أحمد والخرقي على مثل هذه الصورة، وهذا مذهب الشافعي.

وقال الخرقي: إذا تزوجها على صداقين، سر وعلانية، أخذ بالعلانية، وإن كان السر قد انعقد النكاح به.

وهذا منصوص كلام أحمد في قوله: «إن تزوجت في العلانية على ألف، وفي السر على خمسمائة»، وعموم كلامه المتقدم يشمل هذه الصورة،

<<  <  ج: ص:  >  >>