للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لما بعث معاذا إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل حالم دينارا أو عدله معافر.

قلت (١): ومقصود شيخنا أن أهل خيبر وغيرهم من اليهود كانوا في حكمه سواء، فلم يأخذ الجزية من غيرهم حتى أسقطها عنهم، فإن الجزية إنما نزلت فريضتها بعد فراغه من اليهود وحربهم، فإنها نزلت في سورة «براءة» عام حجة الصديق - رضي الله عنه -، سنة تسع، وقتاله لأهل خيبر كان في السنة السابعة، وكانت خيبر بعد صلح الحديبية، جعلها الله سبحانه شكرانا لأهل الحديبية وصبرهم، كما جعل فتح قريظة بعد الخندق شكرانا وجبرا لما حصل للمسلمين في تلك الغزوة، وكما جعل النضير بعد أحد كذلك، وجعل قينقاع بعد بدر، وكل واقعة من وقائع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأعداء الله اليهود كانت بعد غزوة من غزوات الكفار، ولم تكن الجزية نزلت بعد، فلما نزلت أخذها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نصارى نجران، وهم أول من أخذت منهم الجزية كما تبين، وبعث معاذ فأخذها من يهود اليمن.

فإن قيل: فلم يأخذها من أهل خيبر بعد نزولها؟

قيل: كان قد تقدم صلحه لهم على إقرارهم في الأرض بنصف ما يخرج منها ما شاء، فوفى لهم عهدهم ولم يأخذ منهم غير ما شرط عليهم، فلما أجلاهم عمر - رضي الله عنه - إلى الشام ظنوا أنهم يستمرون على أن يعفوا منها، فزوروا كتابا يتضمن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسقطها عنهم بالكلية، وقد صنف الخطيب والقاضي وغيرهما في إبطال ذلك الكتاب تصانيف، ذكروا فيها وجوها تدل على أن ذلك الذي بأيديهم موضوع باطل.


(١) القائل: ابن القيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>