للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِأَكْثَرَ مِمَّا تُرِيدُونَ أَنْ تَكِيدُوا بِهِ أَنْفُسَكُمْ، فَأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُرِيدُونَ أَنْ تَقْتُلُوا أَبْنَاءَكُمْ وَإخْوَانَكُمْ"، فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تَفَرَّقُوا، فَبَلَغَ ذَلِكَ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، وَكَانَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ، فَكَتَبَتْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ إِلَى الْيَهُودِ: إِنَّكُمْ أَهْلُ الْحَلْقَةِ وَالْحُصُونِ، وإنَّكُمْ لَتُقَاتِلُنَّ صَاحِبَنَا، أَوْ لَنَفْعَلَنَّ كَذَا وَكَذَا، وَلَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَدَمِ نِسَائِكُمْ شَيْءٌ (١)، وَهُوَ الْخَلَاخِلُ، فَلَمَّا بَلَغَ كِتَابُهُمُ الْيَهُودَ أَجْمَعَتْ بَنُو النَّضِيرِ عَلَى الْغَدْرِ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - اخْرُجْ إِلَيْنَا فِي ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِكَ، وَلْنَخْرُجْ فِي ثَلَاثِينَ حَبْرًا حَتَّى نَلْتَقِيَ فِي مَكَانِ كَذَا نِصْفٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، فَيَسْمَعُوا مِنْكَ، فَإِنْ صَدَّقُوكَ وَآمَنُوا بِكَ، آمَنَّا كُلُّنَا، فَخَرَجَ (*) النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي ثَلَاثِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ ثَلَاثُونَ حَبْرًا مِنْ يَهُودَ، حَتَّى إِذَا بَرَزُوا فِي بَرَازٍ مِنَ الْأَرْضِ، قَالَ بَعْضُ الْيَهُودِ لِبَعْضٍ: كَيْفَ تَخْلُصُونَ إِلَيهِ وَمَعَهُ ثَلَاثُونَ رَجُلًا مِنْ أَصحَابِهِ كُلُّهُمْ يُحِبُّ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَهُ، فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ كَيْفَ تَفْهَمُ وَنَفْهَمُ وَنَحْنُ سِتُّونَ رَجُلًا؟ اخْرُجْ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْحَابِكَ، وَيَخْرُجُ إِلَيْكَ ثَلَاثَةٌ مِنْ عُلَمَائِنَا، فَلْيَسْمَعُوا مِنْكَ، فَإِنْ آمَنُوا بِكَ آمَنَّا كُلُّنَا، وَصَدَّقْنَاكَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي ثَلَاثَةِ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَاشْتَمَلُوا عَلَى الْخَنَاجِرِ، وَأَرَادُوا الْفَتْكَ بِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَرْسَلَتِ امْرَأَةٌ نَاصحَةٌ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ إِلَى بَنِي أَخِيهَا، وَهُوَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَأَخْبَرَتْهُ خَبَرَ مَا أَرَادَتْ بَنُو النَّضِيرِ مِنَ الْغَدْرِ بِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَقْبَلَ أَخُوهَا سَرِيعًا، حَتَّى أَدْرَكَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فسَارَّهُ (٢) بِخَبَرِهِمْ، قَبْلَ أَنْ يَصِلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلَيْهِمْ، فَرَجَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ، غَدَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْكَتَائِبِ فَحَاصَرَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: "إِنَّكُمْ لَا تَأْمَنُونَ عِنْدِي إِلَّا بِعَهْدٍ تُعَاهِدُونِي عَلَيْهِ"، فَأَبَوْا أَنْ يُعْطُوهُ عَهْدًا، فَقَاتَلَهُمْ يَوْمَهُمْ ذَلِكَ هُوَ وَالْمُسْلِمُونَ، ثُمَّ غَدَا الْغَدُ عَلَى بَنِي قُرَيْظَةَ بِالْخَيْلِ وَالْكَتَائِبِ، وَتَرَكَ بَنِي النَّضِيرِ وَدَعَاهُمْ إِلَى أَنْ يُعَاهِدُوهُ، فَعَاهَدُوهُ، فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ وَغَدَا إِلَى بَنِي


(١) ليس في الأصل، واستدركناه من "سنن أبي داود" من حديث المصنف، به.
(*) [٣/ ٧٣ أ].
(٢) الإسرار والمساررة: خفض الصوت عند التحدث. (انظر: النهاية، مادة: سرر).

<<  <  ج: ص:  >  >>