للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّضيرِ بِالْكَتَائِبِ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى الْجَلَاءِ، وَعَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا أَقَلَّتِ الْإِبِلُ إِلَّا الْحَلْقَةَ، وَالْحَلْقَةُ: السِّلَاحُ، فَجَاءَتْ بَنُو النَّضِيرِ وَاحْتَمَلُوا مَا أَقَلَّتِ إِبِلٌ مِنْ أَمْتِعَتِهِمْ وَأَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ وَخَشَبِهَا، فَكَانُوا يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ، فَيَهْدِمُونَهَا فَيَحْمِلُونَ مَا وَافَقَهُمْ مِنْ خَشَبِهَا، وَكَانَ جَلَاؤُهُمْ ذَلِكَ أَوَّلَ حَشْرِ النَّاسِ إِلَى الشَّامِ وَكَانَ بَنُو النَّضِيرِ مِنْ سِبْطٍ مِنْ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، لَمْ يُصِبْهُمْ جَلَاءٌ مُنْذُ كَتَبَ اللهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ الْجَلَاءَ، فَلِذَلِكَ أَجْلَاهُمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَوْلَا مَا كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْجَلَاءِ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا كَمَا عُذِّبَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} حَتَّى بَلَغَ {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحشر: ١ - ٦]، وَكَانَتْ نَخْلُ بَنِي النَّضِيرِ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاصَّةً، فَأَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهَا وَخَصَّهُ بِهَا، فَقَالَ: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: ٦]، يَقُولُ: بِغَيْرِ قِتَالٍ، قَالَ: فَأَعْطَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَكْثَرَهَا لِلْمُهَاجِرِينَ، وَقَسَمَهَا بَيْنَهُمْ، وَقَسَمَ مِنْهَا (١) لِرَجُلَيْنِ مِنَ الْأَنْصارِ كَانَا ذَوَيْ حَاجَةٍ، لَمْ يَقْسِمْ لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ غَيْرَهُمَا، وَبَقِيَ مِنْهَا صدَقَةُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي يَدِ بَنِي فَاطِمَةَ.

° [١٠٥٧٨] عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: أَخَبَرَنِي مَنْ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: مَكَثَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، مِنْهَا أَرْبَعٌ أَوْ خَمْسٌ يَدْعُو إِلَى الْإِسْلَامِ سِرًّا، وَهُوَ خَائِفٌ حَتَّى بَعَثَ اللهُ عَلَى الرِّجَالِ الَّذِينَ أَنْزَلَ فِيهِمْ: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: ٩٣]، {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: ٩١] وَالْعِضِينَ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ: السِّحْرُ، يُقَالُ لِلسَّاحِرَةِ: عَاضِهَةٌ (٢)، فَأَمَرَ بِعَدَاوَتِهِمْ (*)، فَقَالَ: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر: ٩٤]، ثُمَّ أَمَرَ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَقَدِمَ فِي ثَمَانِ لَيَالٍ خَلَوْنَ (٣)


(١) قوله: "وقسم منها" ليس في الأصل، واستدركناه من "سنن أبي داود"، "الدر المنثور".
(٢) في الأصل: "عاضية".
(*) [٣/ ٧٣ ب].
(٣) الخلو: المضي والذهاب. (انظر: معجم اللغة العربية المعاصرة، مادة: خلو).

<<  <  ج: ص:  >  >>