للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِنَّ أَشْرَفَ مَشَاهِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي النَّاسِ لَبَدْرٌ وَمَا أُحِبُّ أَنِّي كُنْتُ شَهِدْتُ مَكَانَ بَيْعَتِي لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ (١) حَيْثُ تَوَاثَقْنَا عَلَى الْإِسْلَامِ، ثُمَّ لَمْ أَتَخَلَّفْ بَعْدُ عَنِ النبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزَاةٍ غَزَاهَا حَتَّى كَانَتْ غَزْوَةُ تَبُوكَ، وَهِيَ آخِرُ غَزْوَةٍ غَزَاهَا، وَآذَنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - النَّاسَ بِالرَّحِيلِ وَأَرَادَ أَنْ يَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ وَذَلِكَ حِينَ طَابَ الظِّلَالُ، وَطَابَتِ الثِّمَارُ، وَكَانَ قَلَّمَا أَرَادَ غَزْوَةً إِلَّا وَرَّى خَبَرَهَا (٢)، وَكَانَ يَقُولُ: "الْحَرْبُ خَدْعَةٌ"، فَأَرَادَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنْ يَتَأَهَّبَ النَّاسُ أُهْبَةً، وَأَنَا أَيْسَرُ مَا كُنْتُ قَدْ جَمَعْتُ رَاحِلَتِي وَأَنَا أَقْدَرُ شَيءٍ فِي نَفْسِي عَلَى الْجِهَادِ وَخِفَّةِ الْحَاذِ (٣)، وَأَنَا فِي ذَلِكَ أَصْغُو (٤) إِلَى الظِّلَالِ، وَطِيبِ الثِّمَارِ، فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى قَامَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - غَادِيًا بِغَدَاةٍ، وَذَلِكَ يَوْمُ الْخَمِيسِ (٥)، فَأَصْبَحَ غَادِيًا فَقُلْتُ أَنْطَلِقُ غَدًا إِلَى السُّوقِ فَأَشْتَرِي جَهَازِي (٦)، ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ فَانْطَلَقْتُ * إِلَى السُّوقِ مِنَ الْغَدِ فَعَسُرَ عَلَيَّ بَعْضُ شَأْنِي أَيْضًا، فَقُلْتُ: أَرْجِعُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى الْتَبَسَ (٧) بِيَ الذَّنْبُ، وَتَخَلَّفْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَعَلْتُ أَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ، وَأَطُوفُ بِالْمَدِينَةِ فَيَحْزُنُنِي أَنِّي لَا أَخْلُفُ أَحَدًا إِلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا (٨) عَلَيْهِ فِي النِّفَاقِ، وَكَانَ لَيْسَ أَحَدٌ تَخَلَّفَ، إِلَّا رَأَى أَن ذَلِكَ سَيَخْفَى لَهُ وَكَانَ النَّاسُ كَثِيرًا لَا يَجْمَعُهُمْ دِيوَانٌ (٩) وَكَانَ جَمِيعُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنِ (١٠) النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -


(١) العقبة: بين منى ومكة المكرمة، بينها وبين مكة المكرمة نحو ميلين، ومنها ترمى جمرة العقبة، والجمرة هي الحصا. (انظر: أطلس الحديث النبوي) (ص ٢٧١).
(٢) كذا في الأصل، وفي "المسند" من حديث عبد الرزاق: "بغيرها".
(٣) الخفيف الحاذ: القليل المال والعيال. (انظر: النهاية، مادة: حوذ).
(٤) أصغو: أميل. (انظر: النهاية، مادة: صغو).
(٥) بعده في "المسند" من حديث عبد الرزاق: "وكان يحب أن يخرج يوم الخميس".
(٦) جهازي: ما يجتاج إليه في غَزْوِهِ. (انظر: النهاية، مادة: جهز).
* [٣/ ٨٠ ب].
(٧) في الأصل: "التمس" خطأ.
(٨) المغموص: الطعون في دينه المتهم بالنفاق. (انظر: النهاية، مادة: غمص).
(٩) الديوان: الدفتر الذي يكتب فيه أسماء الجيش وأهل العطاء. (انظر: النهاية، مادة: ديوان).
(١٠) في الأصل: "على" خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>