للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا، وَلَمْ يَذْكُرْنِي النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَلَغَ تَبُوكًا (١)، فَلَمَّا بَلَغَ تَبُوكًا، قَالَ: "مَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ؟ " قَالَ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِي: خَلَّفَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بُرْدَاهُ (٢) وَالنَّظَرُ فِي عِطْفَيْهِ، فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: بِئْسَ مَا قُلْتَ، وَاللهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا، قَالَ: فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذَا هُمْ بِرَجُلٍ يَزُولُ بِهِ السَّرَابُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "كُنْ يَا أَبَا خَيْثَمَةَ"، فَإِذَا هُوَ أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - غزْوَةَ تَبُوكَ، وَقَفَلَ وَدَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ جَعَلْتُ أَنْظُرُ بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَسْتَعِينُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلِي، حَتَّى إِذَا قِيلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - هوَ مُصَبِّحُكُمْ غَدًا بِالْغَدَاةِ زَاحَ عَنِّي الْبَاطِلُ، وَعَرَفْتُ أَلَّا أَنْجُوَ إِلَّا بِالصِّدْقِ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ضُحًى، فَصلَّى فِي الْمَسْجِدِ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ إِذَا جَاءَ مِنْ سَفَرٍ فَعَلَ ذَلِكَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ فَجَعَلَ يَأْتِيهِ مَنْ تَخَلَّفَ فَيَحْلِفُونَ لَهُ، وَيَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ، فَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ وَيَقْبَلُ عَلَانِيَتَهُمْ، وَيَكِلُ سَرَائِرَهُمْ (٣) إِلَى اللَّهِ، فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ، فَلَمَّا رَآنِي تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ، فَجِئْتُ فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: "أَلَمْ تَكُنِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ (٤)؟ " فَقُلْتُ: بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَالَ: "فَمَا خَلَّفَكَ؟ " فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَوْ بَيْنَ يَدَي (٥) أَحَدٍ غَيْرِكَ مِنَ النَّاسِ جَلَسْتُ لَخَرَجْتُ مِنْ سَخَطِهِ عَلَيَّ بِعُذْرٍ، لَقَدْ أُوتِيتُ جَدَلًا، وَلَقَدْ عَلِمْتُ يَا نَبِيَّ اللهِ، أَنِّي إِنْ أَخْبَرْتُكَ الْيَوْمَ بِقَوْلٍ تَجِدُ (٦) عَلَيَّ فِيهِ، وَهُوَ حَقٌّ، فَإِنِّي أَرْجُو عُقْبَى اللَّهِ، وَإِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثًا تَرْضَى عَنِّي فِيهِ وَهُوَ كَذِبٌ أُوشِكُ أَنْ يُطْلِعَكَ اللَّهُ


(١) كذا بالنصب، كأنه صرفها لإرادة الموضع دون البقعة.
(٢) البردان: مثنى برد، وهو: قطعة من الصوف تتخذ عباءة بالنهار وغطاء بالليل. (انظر: معجم اللابس) (ص ٥٢).
(٣) السرائر: جمع سريرة، وهي: كل ما يُكتم. (انظر: اللسان، مادة: سرر).
(٤) الظهر: الدابة التي تستعمل للركوب أو حمل الأثقال. (انظر: المعجم العربى الأساسي، مادة: ظهر).
(٥) ليس في الأصل، واستدركناه من "المسند".
(٦) الوجد والموجدة: الغضب. (انظر: النهاية، مادة: وجد).

<<  <  ج: ص:  >  >>