للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التَّنُّورَ (١)، فَأَحْرَقْتُهَا فِيهِ فَلَمَّا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً إِذَا رَسُولٌ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَتَانِي، فَقَالَ: اعْتَزِلِ امْرَأَتَكَ، فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا؟ قَالَ: لَا وَلكِنْ لَا تَقْرَبْهَا، قَالَ: فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ، فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيةَ شَيْخٌ كَبِيرٌ ضعِيفٌ، فَهَلْ تَأْذَنُ لِي أَنْ أَخْدُمَهُ؟ قَالَ: "نَعَمْ وَلَكِنْ لَا يَقْرَبْكِ"، قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَاللَّهِ مَا بِهِ مِنْ حَرَكَةٍ لِشَيءٍ مَا زَالَ مُكِبَّا يَبْكِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ، قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا طَالَ عَلَيَّ الْبَلَاءُ اقْتَحَمْتُ عَلَى أَبِي قَتَادَةَ حَائِطَهُ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَبَا قَتَادَةَ (٢)، أَتَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَسَكَتَ، ثُمَّ قُلْتُ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَبَا قَتَادَةَ، أَتَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَسَكَتَ، ثُمَّ قُلْتُ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَبَا قَتَادَةَ، أَتَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ اللّهَ وَرَسُولَهُ، قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَلَمْ أَمْلِكْ نَفْسِي أَنْ بَكَيْتُ، ثُمَّ اقْتَحَمْتُ الْحَائِطَ خَارِجًا حَتَّى إِذَا مَضتْ خَمْسُونَ لَيْلَةً مِنْ حِينِ نَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ كَلَامِنَا، صَلَّيْتُ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا صَلَاةَ الْفَجْرِ، ثُمَّ جَلَسْتُ وَأَنَا فِي الْمَنْزِلَةِ الَّتِي، قَالَ اللَّهُ: وَضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ إِذْ سَمِعْتُ نِدَاءً مِنْ ذِرْوَةِ سَلْعٍ (٣) أَنْ أَبْشِرْ يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ، فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنَّ اللهَ قَدْ جَاءَنَا بِالْفَرَجِ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ يَرْكُضُ عَلَى فَرَسٍ، يُبَشِّرُنِي فَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنْ فَرَسِهِ، فَأَعْطَيْتُهُ ثَوْبَيَّ بِشَارَةً وَلَبِسْتُ ثَوْبَيْنِ آخَرَيْنِ، قَالَ: وَكَانَتْ تَوْبَتُنَا نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُلُثَ اللَّيْلِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَلَا نُبَشِّرُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ؟ قَالَ: "إِذَنْ يَحْطِمَنَّكمُ النَّاسُ وَيَمْنَعُونَكُمُ النَّوْمَ سَائِرَ اللَّيْلَةِ"، قَالَ: وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مُحْسِنَةً فِي شَأْنِي تَحْزَنُ بِأَمْرِي، فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَحَوْلَهُ الْمُسْلِمُونَ وَهُوَ يَسْتَنِيرُ كَاسْتِنَارَةِ الْقَمَرِ، وَكَانَ إِذَا سُرَّ


(١) التنور: الذي يُخبز فيه. (انظر: النهاية، مادة: تنر).
(٢) قوله: "حائطه، وهو ابن عمي فسلمت عليه فلم يرد علي، فقلت: أنشدك الله يا أبا قتادة" ليس في الأصل، وهو انتقال نظر من الناسخ، واستدركناه من "المسند" فيما تقدم من حديث عبد الرزاق، به.
(٣) سلع: جبل بالمدينة، يعدّ اليوم في وسط عمران المدينة. (انظر: المعالم الأثيرة) (ص ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>