للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زَوْجِهَا، فَقَالَ عُمَرُ لِقُدَامَةَ: إِنِّي حَادُّكَ، فَقَالَ: لَوْ شَرِبْتُ كَمَا يَقُولُونَ مَا كَانَ لكمْ أَنْ تَجْلِدُونِي، فَقَالَ عُمَرُ: لِمَ؟ قَالَ قُدَامَةُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ (١) فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا} [المائدة: ٩٣] الآيَةَ، فَقَالَ عُمَرُ: أَخْطَأْتَ التَّأْوِيلَ، إِنَّكَ إِذَا اتَّقَيْتَ اجْتَنَبْتَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْكَ، قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عُمَرُ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ *: مَاذَا تَرَوْنَ فِي جَلْدِ قُدَامَةَ؟ قَالُوا: لَا نَرَى أَنْ تَجْلِدَهُ مَا كَانَ مَرِيضًا، فَسَكَتَ عَنْ ذَلِكَ أَيامًا، وَأَصْبَحَ يَوْمًا وَقَدْ عَزَمَ عَلَى جَلْدِهِ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: مَاذَا تَرَوْن فِي جَلْدِ قُدَامَةَ؟ قَالُوا: لَا نَرَى أَنْ تَجْلِدَهُ مَا كَانَ ضَعِيفًا (٢)، فَقَالَ عُمَرُ: لأَنْ يَلْقَى اللَّهَ تَحْتَ السِّيَاطِ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ وَهُوَ فِي عُنُقِي، ائْتُونِي بِسَوْطٍ تَامٍّ، فَأَمَرَ بِقُدَامَةَ فَجُلِدَ، فَغَاضَبَ عُمَرَ قُدَامَةُ وَهَجَرَه، فَحَجَّ وَقُدَامَةُ مَعَهُ مُغَاضِبًا لَه، فَلَمَّا قَفَلَا مِنْ حَجِّهِمَا، وَنَزَلَ عُمَرُ بِالسُّقْيَا (٣)، نَامَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ، قَالَ: عَجِّلوا عَلِيَّ بِقُدَامَةَ فَائْتُونِي بِهِ، فَوَاللهِ إِنِّي لأَرَى (٤) آتِيًا أَتَانِي، فَقَالَ: سَالِمْ قُدَامَةَ فَإِنَّهُ أَخُوكَ، فَعَجِّلُوا إِلَيَّ بِهِ، فَلَمَّا أَتَوْهُ أَبَى أَنْ يَأْتِيَ، فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ إِنْ أَبَى أَنْ يَجُرُّوهُ إِلَيْهِ، فَكَلَّمَهُ عُمَر، وَاسْتَغْفَرَ لَه، فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ صُلْحِهِمَا.

[١٨٢٩٦] عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: كَانَ أَبُو مِحْجَنٍ لَا يَزَالُ يُجْلَدُ فِي الْخَمْرِ، فَلَمَّا أكثَرَ عَلَيْهِمْ سَجَنُوه، وَأَوْثَقُوه، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْقَادِسِيَّةِ رَآهُمْ يَقْتَتِلُونَ، فَكَأَنَّهُ رَأَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ أَصَابُوا فِي الْمُسْلِمِينَ، فَأَرْسَلَ إِلَى أُمِّ وَلَدِ سَعْدٍ، أَوْ إِلَى امْرَأَةِ سَعْدٍ، يَقُولُ لَهَا: إِنَّ أَبَا مِحْجَنٍ يَقُولُ لَكِ: إِنْ خَلَّيْتِ سَبِيلَه، وَحَمَلْتِيهِ عَلَى هَذَا الْفَرَسِ، وَدَفَعْتِ إِلَيْهِ سِلَاحًا، لَيَكُونَنَّ أَوَّلَ مَنْ يَرْجِعُ، إِلَّا أَنْ يُقْتَلَ،


(١) جناح: إثم. (انظر: غريب القرآن لابن قتيبة) (ص ٦٦).
* [٥/ ٩٦ أ].
(٢) في (س): "وجعا".
(٣) السقيا: موضعان: الأول: السّقيا في المدينة المنورة، سقيا سعد بالحرة الغربية، وهو المراد هنا.
والثاني: السّقيا؛ قرية في وادي الفرع بين المدينة ومكة. (انظر: المعالم الأثيرة) (ص ١٤١).
(٤) قوله: "إني لأرى" وقع في الأصل، (س): "لا أرى"، وهو خطأ، والمثبت من المصدرين السابقين.

<<  <  ج: ص:  >  >>