للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ أَبُو مِحْجَنٍ يَتَمَثَّلُ:

كَفَى حَزَنًا أَنْ تَلْتَقِي الخَيْلُ بِالْقَنَا … وَأُتْرَكُ مَشْدُودًا عَلَيَّ وِثَاقِيَا

إِذَا شِئْتُ عَنَّانِي الْحَدِيدُ وَغُلِّقَتْ … مَصَارِيعُ (١) مِنْ دُونِي تَصُمُّ الْمُنَادِيَا

فَذَهَبَتِ الْأُخْرَى، فَقَالَتْ ذَلِكَ لاِمْرَأَةِ سَعْدٍ، فَحَلَّتْ عَنْهُ قُيُودَه، وَحُمِلَ عَلَى فَرَسٍ كَانَ فِي الدَّارِ، وَأُعْطِيَ سِلَاحًا، ثُمَّ جَعَلَ يَرْكُضُ حَتَّى لَحِقَ بِالْقَوْمِ، فَجَعَلَ لَا يَزَالُ يَحْمِلُ عَلَى رَجُلٍ فَيقْتُلُه، وَيَدُقُّ صُلْبَه، فَنَظَرَ إِلَيْهِ سَعْد، فَتَعَجَّبَ، وَقَالَ: مَنْ هَذَا الْفَارِسُ؟ قَالَ: فَلَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى هَزَمَهُمُ اللَّه، فَرَجَعَ أَبُو مِحْجَنٍ وَرَدَّ السِّلَاحَ، وَجَعَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْقُيُودِ كَمَا كَانَ، فَجَاءَ سَعْدٌ، فَقَالَتْ * لَهُ امْرَأَتُه، أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ: كَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ؟ فَجَعَلَ يُخْبِرُهَا وَيَقُولُ: لَقِينَا وَلَقِينَا حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ رَجُلًا عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ (٢)، لَوْلَا أَنِّي تَرَكْتُ أَبَا مِحْجَنٍ فِي الْقُيُودِ لَظَنَنْتُ أَنَّهَا بَعْضُ شَمَائِلِ أَبِي مِحْجَنٍ، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لأَبُو مِحْجَنٍ، كَانَ مِنْ أَمْرِهِ كَذَا وَكَذَا، فَقَصَّتْ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، قَالَ: فَدَعَا بِهِ (٣) وَحَلَّ عَنْهُ قُيُودَه، وَقَالَ: لَا نَجْلِدُكَ فِي الْخَمْرِ أَبَدًا، قَالَ أَبُو مِحْجَنٍ: وَأَنَا وَاللَّهِ لَا تَدْخُلُ فِي رَأْسِي أَبَدًا، إِنَّمَا كُنْتُ آنَفُ أَنْ أَدَعَهَا مِنْ أَجْلِ جَلْدِكَ، قَالَ: فَلَمْ يَشْرَبْهَا بَعْدَ ذَلِكَ.

[١٨٢٩٧] عبد الرزاق، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بِالشَّامِ وَجَدَ أَبَا جَنْدَلِ بْنَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَضِرَارَ بْنَ الْخَطَّابِ الْمُحَارِبِيَّ، وَأَبَا الْأَزْوَرِ، وَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ شَرِبُوا، فَقَالَ أَبُو جَنْدَلٍ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [المائدة: ٩٣]، الْآيَةَ،


(١) المصاريع: جمع مصراع، وهو: أحد جزأي الباب، وهما مصراعان، أحدهما إلى اليمين، والآخر إلى اليسار. (انظر: المعجم الوسيط، مادة: صرع).
* [س/٢٥٩].
(٢) الفرس الأبلق: الذي فيه سواد وبياض. (انظر: المعجم الوسيط، مادة: بلق).
(٣) ليس في الأصل، واستدركناه من (س)، "الاستيعاب" لابن عبد البر (٤/ ١٧٤٨) معزوًّا لعبد الرزاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>