للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت له: فما تقول في خلع المريض بدون مهر المثل؟

فقال: هو يملك إخراج البضع مجانًا بالطلاق، فإذا أخذ منها شيئًا فقد زاد الورثة خيرًا.

قال: ونحن إنما منعناه من المحاباة فيما ينتقل إلى الورثة، لأنه يُفَوِّتُه عليهم، وبضع الزوجة لا حق للورثة فيه ألبتة، ولا ينتقل إليهم، فإذا أخرجه بدون مهر المثل لم يفوتهم حقًا ينتقل إليهم. انتهى.

قلت (١): وأما منع الأب من خلع ابنته بشيء من مالها فليست مسألة وفاق، بل فيها قولان مشهوران، ونحن إذا قلنا أن الذي بيده عقدة النكاح هو الأب، وأن له أن يعفو عن صداق ابنته قبل الدخول ــ وهو الصحيح، لبضعه عشر دليلًا، قد ذكرتها في موضع آخر ــ فكذلك خلعها بشيء من مالها، بل هو أولى، لأنه إذا ملك إسقاط مالها مجانًا، فلأن يملك إسقاطه ليخلصها من رق الزوج وأسره ويزوجها بمن هو خير لها منه أولى وأحرى، وهذه رواية عن أحمد، ذكرها أبو الفرج في «مبهجه» وغيره، واختارها شيخنا (٢).

وأما قولكم: إنه يخرج من ملكه قهرًا بغير عوض، فيما إذا طلق عليه الحاكم، لإعسار، أو عنت، أو غيرها.

فجوابه: أن الشارع إنما ملكه البضع بالمعروف، وإنما ملكه بحقه، فإذا لم يستمتع به بالمعروف ــ الذي هو حقه ــ أخرجه الشارع عنه، قال تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩]، وقال: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ


(١) القائل: ابن القيم.
(٢) وانظر: ما يأتي في المسألة رقم (١٠٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>