للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العقوبة إن كانت لازمة مؤبدة كانت حدًا، كما يقوله من يقوله في جلد الثمانين في الخمر، ومن يقول بوقوع الثلاث بمن جمعها، وإن كان المرجع فيها إلى اجتهاد الإمام كانت تعزيرًا، ومتى كان الأمر كذلك اتفقت النصوص والآثار، لكن فيه عقوبة بتحريم ما تمكن إباحته له.

وهذا كالتعزير بالعقوبات المالية، وهو أجود من القول بوقوع طلاق السكران عقوبة، لأن هذا قول محرم يعلم قائله أنه محرم، وإذا أفضى إيقاع الثلاث إلى التحليل كان ترك إيقاعها خيرًا من إيقاعها، ويؤذن لهم في التحليل.

ولعل إيقاع بعض من أوقع الطلاق بالحلف به من هذا الباب، فإن الحالف بالنذر يخير بين التكفير والإمضاء، فإذا قصد عقوبته لئلا يفعل ذلك أمر بالإمضاء، كما قال ابن القاسم لابنه: أفتيتك بقول الليث، وإن عدت أفتيتك بقول مالك، وعبد الرحمن بن القاسم إمام في الفقه والدين، فرأى سائغًا له أن يفتي ابنه ابتداء بالرخصة، فإن أصر على فعل ما نهي عنه أفتاه بالشدة، وهذا هو بعينه هو التعزير في بعض المواضع بالشديد، إما في الإيجاب وإما في التحريم فإن العقوبة بالإيجاب كالعقوبة بالتحريم.

وحديث ركانة ضعَّفه أحمد وليس فيه إذا أراد الثلاث بيان حكمه، وبتقدير أن يكون حكمه جواز إلزامه بالثلاث يكون قد عمل بموجب دلالة المفهوم، وقد يكون الاستفهام لاستحقاق التعزير بجمع الثلاث، فيعاقب على ذلك ويغتاظ عليه كما اغتاظ على ابن عمر لما طلَّق في الحيض، لكن التعزير لمن علم التحريم، وكانوا قد علموا النهي عن الطلاق في الحيض.

<<  <  ج: ص:  >  >>