للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَخَالَفَهُ فِي كُلِّ شَيءٍ أَمَرَهُ بِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ مِصْرَ، خَرَجَ قَيْسٌ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، فَأَخَافَهُ مَرْوَانُ وَالْأَسْوَدُ بْنُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، حَتَّى إِذَا خَافَ أَنْ يُؤْخَذَ وَيُقْتَلَ رَكِبَ رَاحِلَتَه، فَظَهَرَ إِلَى عَلِيٍّ، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى مَرْوَانَ وَالْأَسْوَدِ بْنِ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ يَتَغَيَّظُ عَلَيْهِمَا وَيَقُولُ: أَمْدَدْتُمَا عَلِيًّا بِقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ وَبِرَأْيِهِ وَمُكَايَدَتِهِ فَوَاللَّهِ لَوْ أَمْدَدْتُمَاهُ بِثَمَانِيَةِ آلَافِ مُقَاتِلٍ مَا كَانَ ذَلِكَ بِأَغْيظَ لِي مِنْ إِخْرَاجِكُمَا قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ إِلَى عَلِيٍّ، فَقَدِمَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ إِلَى عَلِيٍّ، فَلَمَّا بَانَهُ الْحَدِيث، وَجَاءَهُمْ قَتْلُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَرَفَ عَلِيٌّ أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ كَانَ يُدَارِي مِنْهُمْ أُمُورًا عِظَامًا مِنَ الْمُكَايَدَةِ الَّتِي قَصُرَ عَنْهَا رَأْيُ عَلِيٍّ وَرَأْيُ مَنْ كَانَ يُؤَازِرُهُ عَلَى عَزَلِ قَيْسٍ، فَأَطَاعَ عَلِيٌّ قَيْسًا فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ، وَجَعَلَهُ عَلَى مُقَدِّمَةِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَمَنْ كَانَ بِأَذْرَبِيجَانَ (١) وَأَرْضِهَا، وَعَلَى شُرْطَةِ الْخَمْسِينَ الَّذِينَ * انْتُدِبُوا لِلْمَوْتِ، وَبَايَعَ أَرْبَعُونَ أَلْفًا كَانُوا بَايَعُوا عَلِيًّا عَلَى الْمَوْتِ، فَلَمْ يَزَلْ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ يَسُدُّ ذَلِكَ الثَّغْرَ حَتَّى قُتِلَ عَلِيٌّ، وَاسْتَخْلَفَ أَهْلُ الْعِرَاقِ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَى الْخِلَافَةِ، وَكَانَ الْحَسَنُ لَا يُرِيدُ الْقِتَالَ، وَلكنَّهُ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ مُعَاوِيَةَ، ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الْجَمَاعَةِ وَيُبَايِع، فَعَرَفَ الْحَسَنُ أَنَّ قَيسَ بْنَ سَعْدٍ لَا يُوَافِقُهُ عَلَى ذَلِكَ، فَنَزَعَه، وَأَمَّرَ مَكَانَهُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ الْعَبَّاسٍ، فَلَمَّا عَرَفَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ الَّذِي يُرِيدُ الْحَسَنُ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ، كَتَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ يَسْأَلُهُ الْأَمَانَ، وَيَشْتَرِطُ لِنَفْسِهِ عَلَى الْأَمْوَالِ الَّتِي أَصَابَ، فَشَرَطَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ وَبَعَثَ إِلَيْهِ ابْنَ عَامِرٍ فِي خَيْلٍ عَظِيمَةٍ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ عُبَيْدُ اللَّهِ لَيْلًا، حَتَّى لَحِقَ بِهِمْ، وَتَرَكَ جُنْدَهُ الَّذِينَ هُوَ عَلَيْهِمْ لَا أَمِيرَ لَهُمْ، وَمَعَهُمْ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ، فَأَمَّرَتْ شُرْطَةُ الْخَمْسِينَ قَيْسَ بْنَ سَعْدِ، وَتَعَاهَدُوا وَتَعَاقَدُوا عَلَى قِتَالِ مُعَاوِيَةَ وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، حَتَّى يَشْتَرِطَ لِشِيعَةِ عَلِيٍّ وَلِمَنْ كَانَ اتَّبَعَهُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَدِمَائِهِمْ وَمَا أَصَابُوا مِنَ الْفِتْنَةِ،


(١) أذربيجان: بلد شمال غرب إيران شرقي أرمينية، مطلة على بحر قزوين شرقًا. (انظر: أطلس الحديث النبوي) (ص ٢٨).
* [٣/ ٩١ أ].

<<  <  ج: ص:  >  >>