للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَمَانَةُ لُغَةً مَصْدَرٌ بِمَعْنَى كَوْنِ الْإِنْسَانِ أَمِينًا. وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ الْأَمَانَةُ هِيَ الشَّيْءُ الْمَوْجُودُ عِنْدَ مَنْ اُتُّخِذَ أَمِينًا يَعْنِي الْمَالَ. . الْوَدِيعَةُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ الْمَالُ الَّذِي يُودَعُ عِنْدَ شَخْصٍ بِقَصْدِ الْحِفْظِ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالدُّرُّ) .

وَعُرِّفَتْ الْوَدِيعَةُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ بِعِلَاوَةِ قَيْدِ " فَقَطْ " عَلَى تَعْرِيفِهَا وَقُصِدَ بِذَلِكَ الْقَيْدِ إخْرَاجُ الْعَارِيَّةِ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ تُعْطَى لِأَجْلِ الْحِفْظِ وَلِأَجَلِ الِانْتِفَاعِ مَعًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

بَيْدَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْحِفْظُ مَقْصُودًا فِي سَائِرِ الْأَمَانَاتِ كَمَا هُوَ مَعْقُودٌ فِي الْعَارِيَّةِ كَمَا جَاءَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ الْآنِفَةِ فَهَذَا الْمَقْصُودُ لَيْسَ الْمَقْصُودَ الْأَصْلِيَّ وَالْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ فِيهَا هُوَ شَيْءٌ آخَرُ وَالْحِفْظُ ضِمْنِيٌّ.

بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ وَحَيْثُ إنَّ الْأَمَانَاتِ السَّائِرَةَ تَبْقَى خَارِجَةً بِتَعْبِيرِ (لِأَجَلِ الْحِفْظِ) الْوَارِدِ فِي التَّعْرِيفِ فَلَمْ تَرَ الْمَجَلَّةُ لُزُومًا لِذِكْرِ وَعِلَاوَةِ قَيْدِ (فَقَطْ) .

سُؤَالٌ - تَعْرِيفُ الْوَدِيعَةِ هَذَا مَعَ عَدَمِ مُوَافَقَتِهِ لِتَعْرِيفِ الْفُقَهَاءِ يُوجَدُ فِيهِ تَكْرَارٌ. لِأَنَّ الْفُقَهَاءَ عَرَّفُوا الْأَمَانَةَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ (الْأَمَانَةُ الَّتِي تُتْرَكُ لِأَجَلِ الْحِفْظِ) . فَهَا قَدْ فُهِمَ أَنَّهُ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِتَعْرِيفِ الْفُقَهَاءِ.

وَالْمَجَلَّةُ ذَكَرَتْ الْإِيدَاعَ فِي التَّعْرِيفِ نَظَرًا لِمَعْنَى الْإِيدَاعِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ لَدَى التَّعْرِيفِ تُحَصِّلُ هَذِهِ الْمَجَلَّةُ (الْمَالُ الَّذِي تُحَالُ مُحَافَظَتُهُ إلَى شَخْصٍ لِأَجْلِ الْحِفْظِ) وَيَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وُجِدَ التَّكْرَارُ.

الْجَوَابُ - حَيْثُ إنَّ لَفْظَ إيدَاعٍ الْوَاقِعِ فِي هَذَا التَّعْرِيفِ مُسْتَعْمَلٌ لُغَةً بِمَعْنَى الْوَضْعِ أَمَانَةً يَكُونُ هَذَا التَّعْرِيفُ عَيْنَ تَعْرِيفِ الْمَجَلَّةِ يَعْنِي أَنَّ التَّعْرِيفَ الْمَذْكُورَ يَصِيرُ هَكَذَا: الْوَدِيعَةُ هِيَ الْمَالُ الَّذِي يُوضَعُ أَمَانَةً عِنْدَ شَخْصٍ. وَكَمَا أَنَّهُ ذُكِرَ فِي الْقَامُوسِ أَنَّ لَفْظَ إيدَاعٍ مُسْتَعْمَلٌ بِمَعْنَى وَضْعِ شَيْءٍ أَمَانَةً. فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَفْظُ إيدَاعٍ مَحْمُولٌ عَلَى التَّجْرِيدِ وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ لَفْظُ إيدَاعٍ بِمَعْنَى مُجَرَّدِ الْإِحَالَةِ إلَى الْغَيْرِ فَيُجَابُ عَلَى السُّؤَالِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ وَلَا لُزُومَ لِارْتِكَابِ الْمَجَازِ غَيْرِ الْمُنَاسِبِ فِي التَّعْرِيفِ.

[ (الْمَادَّةُ ٧٦٤) الْإِيدَاعُ إحَالَةُ الشَّخْصِ مُحَافَظَةَ مَالِهِ إلَى آخَرَ]

(الْمَادَّةُ ٧٦٤) الْإِيدَاعُ إحَالَةُ الشَّخْصِ مُحَافَظَةَ مَالِهِ إلَى آخَرَ وَيُقَالُ لِلْمُحِيلِ مُودِعٌ بِكَسْرِ الدَّالِ وَلِلَّذِي قَبِلَ وَدِيعٌ وَمُسْتَوْدَعٌ بِفَتْحِ الدَّالِ.

الْإِيدَاعُ وَالِاسْتِيدَاعُ إحَالَةُ شَخْصٍ مُحَافَظَةَ مَالِ نَفْسِهِ صَرَاحَةً أَوْ دَلَالَةً إلَى آخَرَ وَيُقَالُ لِلشَّخْصِ الَّذِي قَبِلَ الْإِحَالَةَ وَدِيعٌ عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ وَمُسْتَوْدَعٌ بِفَتْحِ الدَّالِ وَمُودَعٌ بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْضًا (التَّنْوِيرُ وَمَجْمَعُ الْأَنْهُرِ وَشِبْلِيٌّ) .

الْإِحَالَةُ صَرَاحَةً: تَكُونُ بِقَوْلِهِ كَلَامًا مِثْلَ أَوْدَعْتُكَ مَالِي هَذَا أَوْ أَعْطَيْتُهُ أَمَانَةً.

الْإِحَالَةُ دَلَالَةً: مَثَلًا إذَا أَخَذَ رَجُلٌ زِقًّا قَدْ انْفَتَحَ وَسَالَ الدُّهْنُ مِنْهُ فِي الطَّرِيقِ فِي غِيَابِ مَالِكِهِ يَكُونُ الْتَزَمَ الْحِفْظَ دَلَالَةً حَتَّى أَنَّهُ إذَا تَرَكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى حَالِهِ وَسَالَ الدُّهْنُ مِنْهُ يَضْمَنُ مَا سَالَ بَعْدَ أَخْذِهِ إيَّاهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَلَكِنْ إذَا لَمْ يَأْخُذْهُ قَطُّ أَوْ إنْ كَانَ صَاحِبُهُ حَاضِرًا حِينَمَا أَخَذَهُ وَلَمْ يَتَرَتَّبْ ضَرَرٌ مَا مِنْ حَالَةِ أَخْذِهِ إيَّاهُ ثُمَّ سَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَضَاعَ لَا يُلْزَمُ الضَّمَانَ (الْبَحْرُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>