للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

س (٥) : إنَّ لَفْظَ الشَّهَادَةِ الْوَارِدَةِ فِي التَّعْرِيفِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ فَتَخْرُجُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ مِنْ التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ الْوَاقِعَ فِي الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ لَيْسَ عَنْ مُشَاهَدَةٍ؟ ج - إنَّ جَوَازَ الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ اسْتِحْسَانِيٌّ اُنْظُرْ شَرْحَ الْمَادَّةِ (٦٨٨ ١) وَالتَّعْرِيفَاتُ الشَّرْعِيَّةُ تَكُونُ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ (الْبَحْرُ) .

س (٦) : يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ هِيَ الْإِخْبَارُ الْوَارِدَةِ فِي التَّعْرِيفِ أَنَّ لَفْظَ " أَشْهَدُ " هِيَ بِمَعْنَى الْخَبَرِ وَلَيْسَ بِقَسَمٍ فَمَا دَامَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ خَبَرٌ فَيَجِبُ أَلَا يَكُونَ حُجَّةً مُلْزِمَةً؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ؟ ج - إنَّ الْقِيَاسَ هُوَ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ مُلْزِمَةٍ إلَّا أَنَّ الْقِيَاسَ الْمَذْكُورَ قَدْ تُرِكَ بِالنُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢] وَالْإِجْمَاعِ فَرُجِّحَ جَانِبُ الصِّدْقِ فِي الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ لِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهِ فَأَصْبَحَ حُجَّةً (الدُّرَرُ وَالزَّيْلَعِيّ) .

[ (الْمَادَّةُ ١٦٨٥) نِصَابُ الشَّهَادَةِ]

الْمَادَّةُ (١٦٨٥) - (نِصَابُ الشَّهَادَةِ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لَكِنْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ فِي حَقِّ الْمَالِ فَقَطْ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهَا) .

اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ فِي الشَّهَادَةِ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ وَقَدْ ثَبَتَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ رُجْحَانَ صِدْقِ قَوْلِ الشَّاهِدِ بِعَدَالَتِهِ وَلَيْسَ بِعَدَدِهِ حَتَّى أَنَّهُ لَا يُرَجَّحُ رَاوِي الْإِخْبَارِ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ مَا لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ التَّوَاتُرِ فَعَلَى ذَلِكَ يَكُونُ اشْتِرَاطُ الْعَدَدِ فِي الشَّهَادَةِ آيَةَ {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: ٢٨٢] وَأَمْثَالَهَا مِنْ الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ وَالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الزَّيْلَعِيّ.

إنَّ اعْتِبَارَ الْمَرْأَتَيْنِ بِمَقَامِ رَجُلٍ وَاحِدٍ هُوَ أَنَّ النِّسَاءَ بِسَبَبِ نِسْيَانِهِنَّ الزَّائِدَ يَنْقُصُهُنَّ الضَّبْطُ وَحِفْظُ الْوَقَائِعِ فَلِذَلِكَ ضُمَّتْ شَهَادَةُ امْرَأَةٍ أُخْرَى لِإِكْمَالِ هَذَا النُّقْصَانِ. وَبِمَا أَنَّ الْعَقْلَ بِالْمَلَكَةِ أَوْ بِالْفِعْلِ نَاقِصٌ عِنْدَ النِّسَاءِ فَلَا يُنَصِّبْنَ وَالِيًا أَوْ أَمِيرًا (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) .

فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَتْ النِّسَاءُ جُزْءًا فِي الشَّهَادَةِ فَيُسْتَشْهَدْنَ فِي حُضُورِ الْقَاضِي مَعًا وَلَا يَجِبُ اسْتِشْهَادُهُنَّ مُتَفَرِّقَاتٍ أَيْ أَنْ لَا تُسْتَشْهَدَ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي حَالَةَ أَنَّ الْأُخْرَى خَارِجَةً عَنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي حَتَّى أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ وَامْرَأَةٌ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ فِي حُضُورِ الْقَاضِي فَأَمَرَ الْقَاضِي بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لِلْقَاضِي: لَا يَحِقُّ لَك ذَلِكَ وَتَلَتْ عَلَيْهِ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: ٢٨٢] فَخَجِلَ الْقَاضِي وَمَعَ أَنَّهُ مِنْ الْمُسْتَحَبِّ لِلْقَاضِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الشُّهُودِ إذَا اشْتَبَهَ فِيهِمْ إلَّا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ النِّسَاءَ فِي التَّفْرِيقِ بَيْنَ الشُّهُودِ. وَأَمَّا فِي الْمُلْتَقَطِ مِنْ الْحِكَايَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَيْسَ صَرِيحًا فِي أَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَنَا عَدَمُ التَّفْرِيقِ فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ إذَا ارْتَابَ الْقَاضِي (الْحَمَوِيُّ) .

وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْفِقْرَةِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ: الْحُكْمُ الْأَوَّلُ: يُفْهَمُ مِنْ ذِكْرِ حُقُوقِ الْعِبَادِ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ أَنَّ الْحُقُوقَ الْمَذْكُورَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>